للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَالمُتَكَلِّمُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ) أي: كلامِ نَفْسِه عندَ أكثرِ أصحابِنا وغيرِهم، نحوُ: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (١) إذا قُلْنا بصحةِ إطلاقِ شيءٍ عليه، ولأنَّ اللَّفظَ عامٌّ، ولا مانعَ مِن الدُّخولِ، والأصلُ عدمُه.

وقولُه: (مُطْلَقًا) يَشْمَلُ الخبَرَ والإنشاءَ والأمرَ والنَّهيَ، وقولُه: (إِنْ صَلَحَ) يعني: إنْ كانَ اللَّفظُ صالحًا لدُخولِه فيه، فخَرَجَ ما إذا كانَ بلفظِ المُخاطَبَة، نحوُ: «إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» (٢)، ومن المسائلِ المُتعلِّقةِ بهذا الوقفُ على الفقراءِ، ثمَّ صارَ فقيرًا، فالصَّحيحُ جوازُ الأخذِ.

فائدةٌ: اختارَ أبو الخَطَّابِ (٣) والأكثرُ أنَّ المتكلِّمَ لا يَدخُلُ في الأمرِ والنَّهيِ، ويَدخُلُ في غيرِهما.

قالَ في «شرحِ الأصلِ»: وهو أظهرُ (٤).

والفرقُ بينَهما أنَّ (٥) الأمرَ استدعاءُ الفعلِ على جهةِ الاستعلاءِ، فلو دَخَلَ المُتكلِّمُ تحتَ ما يَأمُرُ به غيرَه؛ لكانَ مُستدعيًا مِن نَفْسِه ومُستعليًا، وهو محالٌ، ومِن فروعِ هذه المسألةِ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ له أنْ يَتَزَوَّجَ بلا وليٍّ ولا شهودٍ وزمنَ حرامٍ (٦)، على المشهورِ في المذهبِ.


(١) البقرة: ٢٨٢.
(٢) رواه البخاري (٦١٠٨)، ومسلم (١٦٤٦) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٣) «التمهيد في أصول الفقه» (١/ ٢٧١).
(٤) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ٢٤٩٨).
(٥) في (ع): بأن.
(٦) ليست في «د».

<<  <   >  >>