للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- (الحِسُّ) أي: المُشاهَدَةُ، كقولِه تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (١)، فنحنُ نُشاهِدُ أشياءَ كثيرةً لم تُؤْتَها بلقيسَ، كمُلْكِ سليمانَ، وغيرِه.

تنبيهاتٌ:

الأوَّل: أنَّ هذا المثالَ لا يَتَعَيَّنُ أنْ يَكُونَ مِن العامِّ المَخصوصِ بالحِسِّ، فقد (٢) يُدَّعَى أنَّه مِن العامِّ الَّذِي أُريدَ به الخُصوصُ.

الثَّاني: أنَّ ما كانَ خارجًا بالحسِّ قد يُدَّعَى أنَّه لم يَدخُلْ حَتَّى يَخْرُجَ كما يَأتي نظيرُه في التَّخصيصِ بالعَقلِ فلْيَكُنْ هذا على الخلافِ الَّذِي هناك.

الثَّالثُ: يؤولُ التَّخصيصُ بالحِسِّ إلى أنَّ العقلَ يَحكُمُ بخروجِ بعضِ الأفرادِ بواسطةِ الحسِّ ولم يَخرُجْ عن كَوْنِه خارجًا بالعقلِ، فلْيَكُونَا قِسمًا واحدًا، وإنِ اختَلَفَ طريقُ الحصولِ.

- (وَ) مِن المُخَصِّصاتِ المُنفصِلةِ (العَقْلُ) أيضًا ضَروريًّا كانَ أو نَظريًّا؛ فالضَّروريُّ، كقولِه تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٣) فإنَّ العَقلَ قاضٍ بالضَّرورةِ أنَّه لم يَخلُقْ نَفْسَه الكريمةَ ولا صفاتِه، والنَّظريُّ، كتَخصيصِ قولِه تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٤) فإنَّ العَقلَ بنَظَرِه اقْتَضَى عدمَ دُخولِ الطِّفلِ والمجنونِ بالتَّكْلِيفِ بالحَجِّ؛ لعدمِ فَهمِهما، بل هما مِن جُملةِ الغافِلِينَ الَّذينَ هم غيرُ مُخاطَبِينَ بخطابِ التَّكْلِيفِ.

تنبيهٌ: قال البِرْمَاوِيُّ (٥): مَنَعَ كثيرٌ مِن العلماءِ أنَّ ما خَرَجَ مِن الأفرادِ بالعَقلِ مِن بابِ «التَّخصيصِ»، وإنَّما العَقلُ اقْتَضَى عدمَ دُخولِه في لفظِ العامِّ، وفَرْقٌ


(١) النَّمل: ٢٣.
(٢) في (د): وقد.
(٣) الزُّمر: ٦٢.
(٤) آل عمران: ٩٧.
(٥) «الفوائد السنيّة في شرح الألفيّة» (٤/ ١٣٩).

<<  <   >  >>