للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَمِثْلُ: بَنِي تَمِيمٍ وَرَبِيعَةَ أَكْرِمْهُمْ إِلَّا الطِّوَالَ) يَعُودُ الاستثناءُ (لِلْكُلِّ) مِن الفريقينِ.

(وَ) لو قال: (أَدْخِلْ بَنِي تَمِيمٍ، ثمَّ بَنِي المُطَّلِبِ، ثُمَّ سَائِرَ قُرَيْشٍ، فَأَكْرِمْهُمْ) فـ (الضَّمِيرُ) في «أكْرِمْهم» يَرجِعُ (لِلْكُلِّ)؛ لأنَّه موضوعٌ لِما تَقَدَّمَ ذِكْرُه، وهو صالحٌ للعُمومِ على سبيلِ الجمعِ، فإذا كانَ كذلك وَجَبَ حَمْلُه على العُمومِ إذا لم يَقُمْ مُخَصِّصٌ، وعلى هذا، فحَمْلُ الضَّميرِ على العُمومِ حقيقةٌ، وحمْلُه على الخُصوصِ مِثلُ تخصيصِ اللَّفظِ العامِّ.

(وَهُوَ) أي: الاستثناءُ (مِنْ (١) نَفْيٍ إِثْبَاتٌ) للمُسْتَثنَى عندَ الجمهورِ، فقولُ القائلِ: ليسَ له عليَّ شيءٌ إلَّا درهمًا إقرارٌ بدرهمٍ، واستُدلَّ لهذا القولِ باللُّغةِ، وأنَّ قولَ القائلِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ توحيدٌ، وتبادَرَ فهمُ كلِّ مَن سَمِعَ قولَ القائلِ: لا عالمَ إلَّا زيدٌ، وليسَ لك عليَّ شيءٌ إلَّا درهمٌ: إلى عِلْمِه وإقرارِه، ولو لم يَكُنِ الْمُستَثْنى مِن لا إلهَ إلَّا اللهُ مُثبتًا لم يَكُنْ كافيًا في الدُّخولِ في الإيمان، ولكنَّه كافٍ باتِّفاقٍ، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» (٢)، فجَعَلَ ذلك غايةَ المُقاتلةِ. (٣)، وهو ظاهرٌ.

(وَبِالْعَكْسِ) أي: والاستثناءُ مِن إثباتٍ نفيٌ [للمُستَثْنَى على الصَّحيحِ، وحكى الرَّازيُّ وغيرُه الاتِّفاقَ على أنَّ الاستثناءَ مِن الإثباتِ نفيٌ] (٤)، فلو قال: له عليَّ عشرةٌ إلَّا درهمًا، كانَ إقرارُه بتسعةٍ، ومَحَلُّ الخلافِ في


(١) في «د»: عن.
(٢) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٣) النبأ: ٣٠.
(٤) ليس في «د».

<<  <   >  >>