للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قِيلَ: الغايةُ هل تَدخُلُ في المُغَيَّا أو لا تَدخُلُ؟

فيُقالُ: إنْ أُرِيدَ بالمعنى الأوَّلِ وهو طرفُ الشَّيءِ ومُنتهاه؛ فداخلةٌ قطعًا، وإنْ أُريدَ ما بعدَ الَّذِي دَخَلَ عليه الحرفُ؛ فلا خلافَ في عدمِ دُخُولِه، وإنْ أُرِيدَ نَفْسُ ما دَخَلَ عليه حرفُ الغايةِ؛ فهو مَحَلُّ الخلافِ، ومَحَلُّ كونِ الغايةِ مِن المُخصِّصاتِ إِنَّمَا هو في غايةٍ تَقَدَّمها عمومٌ يَشْمَلُها لو لم يُؤتَ بها، كقولِه تَعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} (١)، فلولا الغايةُ لقاتَلْنا الكفَّارَ أَعطَوُا الجزيةَ أو لم يُعطوا، بخلافِ نحوِ: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (٢)، فالغايةُ خارجةٌ قطعًا، فلهذا قال: (إِلَّا فِي: قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ كُلُّهَا مِنَ الخِنْصَرِ إِلَى الإِبْهَامِ، وَنَحْوِهِ؛ فَلَا) يَكُونُ ما بَعدَها مُخالِفًا لِما قَبْلَها، وتَكُونُ الغايةُ -وهي الإبهامُ- داخلًا قطعًا، فأمَّا نحوُ: «رُفعَ القَلَمُ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» (٣)، ولو سَكَتَ عن ذِكْرِ الغايةِ لم يَكُنِ الصَّبيُّ شاملًا للبالغِ، ولا النَّائمُ للمستيقظِ، ولا المجنونُ للمُفيقِ، فذِكْرُ الغايةِ في ذلك: إمَّا تأكيدٌ لتقريرِ أنَّ أزمنةَ الصِّبا وأزمنةَ النَّومِ وأزمنةَ الجُنونِ لا يُستثنى منها شيءٌ، وإمَّا للإشعارِ بأنَّ ما بعدَ الغايةِ مُخالِفٌ لِما قَبْلَه، ولولا الغايةُ لكانَ مَسكوتًا عن ذِكْرِ الحُكمِ محتملًا.

(وَغَايَةٌ، و) مُغَيَّا؛ أي: (مُقَيَّدٌ بِهَا) أي: بالغايةِ (يَتَّحِدَانِ، وَيَتَعَدَّدَانِ) أي: يَتَّحِدُ كلٌّ مِنهما ويَتَعَدَّدُ على سبيلِ الجمعِ والبدلِ، ثلاثةَ أقسامٍ كلٌّ منها معَ الآخَرِ كذلك يُكْمِلُ (تِسْعَةَ أَقْسَامٍ) كالشَّرطِ.


(١) التوبة: ٢٩.
(٢) القدر: ٥.
(٣) رواه أبو داود (٤٣٩٨)، والنسائي (٣٤٣٢)، وابن ماجه (٢٠٤١)، وابن حبان (١٤٢) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وصححه ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>