للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤) (أَوْ إِحْدَاهُمَا أَعَمُّ) منَ الحقيقةِ الأُخرى (مِنْ وَجْهٍ، وَالأُخْرَى أَخَصُّ) منها (مِنْ وَجْهٍ) آخَرَ، كالحيوانِ والأبيضِ، (تُوجَدُ كُلُّ) واحدةٍ مِن الحقيقتَينِ (مَعَ) الحقيقةِ (الأُخْرَى، وَبِدُونِهَا) أي: يَجتمعانِ في صورةٍ، وتَنفردُ كلُّ واحدةٍ مِنهما عنِ الأُخرى بصورةٍ، فإنَّ الحيوانَ يُوجَدُ بدونِ الأبيضِ في السُّودانِ، ويُوجَدُ الأبيضُ في الثَّلجِ وغيرِه مِمَّا لَيْسَ بحيوانٍ، ويَجتمعانِ في الحيواناتِ البِيضِ، فلا يَلْزَمُ مِن وجودِ الأبيضِ وجودُ الحيوانِ، وَلَا مِن وجودِ الحيوانِ وجودُ الأبيضِ، وَلَا مِن عدمِ أحدِهما عدمُ الآخَرِ، فلا جَرَمَ لا دَلَالةَ فيهما مُطلقًا لا في وجودِه، وَلَا في عَدَمِه، بخلافِ الأعمِّ مُطلقًا، يَلْزَمُ مِن عَدَمِ الحيوانِ عدمُ الإنسانِ، ومِن وجودِ الإنسانِ الَّذِي هو أخصُّ وجودُ الحيوانِ، وَلَا يَلْزَمُ مِن عدمِ الأخصِّ عَدَمُ الأعمِّ؛ لأنَّ الحيوانَ قد يَبْقى موجودًا في الفَرَسِ وغيرِه مِن الأنواعِ.

وفائدةُ هذه القاعدةِ: الاستدلالُ ببعضِ الحقائقِ على بعضٍ، والتَّمثيلُ في المُتساوِيَينِ بالرَّجمِ وزنا المُحصَنِ، بناءً على أنَّ اللَّائطَ لا يُرجَمُ، أمَّا لو فَرَّعْنا على أنَّه يُرجَمُ، كانَ الرَّجمُ أعمَّ مِنَ الزِّنا عمومًا مطلقًا، كالغُسْلِ، والإنزالِ المُعتبَرِ، فإنَّ الغُسْلَ أعمُّ مُطلقًا لوجودِه بدونِ الإنزالِ في انقطاعِ دمِ الحيضِ، والتقاءِ الختانَينِ، وغيرِ ذلك مِن أسبابِ الغُسلِ.

قالَ في «شرحِ الأصلِ»: الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ حَدَّ اللُّوطِيِّ كَحَدِّ الزِّنَا (١) سَوَاءٌ، فَيَحْتَاجُ إِلَى مِثَالٍ غَيْرِ ذَلِكَ (٢).


(١) في «التَّحبير شرح التَّحريرِ»: الزَّاني.
(٢) «التحبير شرح التحرير» (٥/ ٢٢٥٤).

<<  <   >  >>