للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا عُلِّلَ حُكمٌ عدميٌّ بوجودِ مانعٍ أو انتفاءِ شرطٍ كما يُقالُ: عدمُ شرطِ صِحَّةِ البيعِ، وهو الرُّؤيةُ، أو وُجِدَ المانعُ وهو الجهلُ بالمبيعِ، فلا يَصِحُّ؛ (لَزِمَ وُجُودُ المُقْتَضِي) مِثلُ بيعٍ مِن أَهلِه في مَحَلِّه، وكذا يُقالُ: عدمُ الشَّرطِ كعَدمِ الرَّجمِ لعدمِ الإحصانِ، أو وُجِدَ المانعُ لعدمِ القصاصِ كعدمِ القصاصِ على الأبِ لمانعٍ وهو الأبوَّةُ، وهذا قولُ الجمهورِ؛ لأنَّ الحُكمَ شُرِعَ لمصلحةِ الخلْقِ، فما لا فائدةَ فيه لم يُشرَعْ، فانْتَفَى لنفيِ فائدتِه، ونفيُ الشَّارِعِ للحُكمِ دليلُ وجودِ المُقتضِي حملانُه (١) على التَّأسيسِ.

(وَ) قال ابنُ عَقِيلٍ (٢): هَلْ (يَصِحُّ كَوْنُ العِلَّةِ صُورَةَ المَسْأَلَةِ؟) نحوُ: يَصِحُّ رَهنُ مشاعٍ كرَهْنِه مِن شريكِه، مَنَعَه بعضُهم لإفضائِه إلى تعليلِ المسألةِ وعدمِه، وصَحَّحَه بعضُهم، وهو أصحُّ، قال بعضُهم: يُستدَلُّ بوجودِ العِلَّةِ على الحُكمِ لا بعِلِّيَّتِها لتَوَقُّفِها عليه؛ لأنَّها نسبةٌ.

(وَحُكْمُ الأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ) عندَ أصحابِنا وغيرِهم، (لَا بِهَا) أي: لا بالعِلَّةِ؛ لأنَّ حُكمَ الأصلِ قد يَثْبُتُ تَعَبُّدًا فلو ثَبَتَ بالعلَّةِ لم يَثبُتْ معَ عَدَمِها؛ ولأنَّها مظنونةٌ وفرعٌ عليه.

ولَمَّا فَرَغَ مِن تعريفِ حُكمِ الأصلِ وشروطِه، وتعريفِ الفرعِ وتعريفِ العِلَّةِ وشروطِها، شَرَعَ يذكرُ (٣) شروطَ الفرعِ، فقالَ:


(١) في «د»: حملان.
(٢) «الواضح في أصول الفقه» (٢/ ٨٦).
(٣) في «د»: بذكر.

<<  <   >  >>