للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (١) أي: إِنَّمَا وَجَبَ تَحبيسُه لئَلَّا يَتَنَاوَلَه الأغنياءُ مِنكم فلا يَحصُلُ للفقراءِ شيءٌ.

(أَوْ) يُقالَ: (إِذَنْ) كقولِه -صلى الله عليه وسلم- لأُبَيِّ بنِ كَعبٍ: «إِذَنْ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ ذَنْبَكَ كُلَّهُ» (٢) لمَّا قال له (٣): أجعلُ لك صلاتي كُلَّها.

وكقولِه تَعالى: {إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} (٤).

(وَكَذَا) يَكُونُ مِن الصَّريحِ (إِنَّ) المُشدَّدةُ المكسورةُ، كقولِه -صلى الله عليه وسلم- في الهِرَّةِ: «إِنَّها مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» (٥)، مُعَلِّلًا طَهارَتَها بذلك.

(وَهِيَ) أي: «إنَّ» حالَ كَوْنِها (مُلْحَقَةً بِالفَاءِ آكَدُ) في التَّعليلِ، كقولِه -صلى الله عليه وسلم- في المُحرِمِ الَّذِي وَقَصَتْه راحلتُه: «فَإِنَّهُ يُبَعْثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» (٦)، فهذا كلُّه صريحٌ في التَّعليلِ، خصوصًا فيما لَحِقَتْه الفاءُ، فإنَّها يُزادُ بها تأكيدًا لدَلالتِها على أنَّ ما بَعدَها سببٌ للحُكمِ قَبْلَها، وهذا القولُ قَدَّمَه في الأصلِ، لكنَّه ذَكَرَه في قِسمِ الظَّاهرِ.

(وَزِيدَ) أي: وزادَ الطُّوفِيُّ من قِسمِ الصَّريحِ: (المَفْعُولُ لَهُ) ومنه قولُه تَعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} (٧)؛ لأنَّ هذا مِن بابِ المفعولِ له وهو عِلَّةُ الفِعلِ.


(١) الحشر: ٧.
(٢) رواه الترمذي (٢٤٥٧) وقال: حديث حسن.
(٣) زاد في «ع»: أجعل له.
(٤) الإسراء: ١٠٠.
(٥) رواه أبو داود (٧٥)، والترمذي (٩٢)، والنسائي (٦٨)، وابن ماجه (٣٦٧)، وابن حبان (١٢٩٩) من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه-، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٦) رواه البخاري (١٢٦٥)، ومسلم (١٢٠٦) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.
(٧) البقرة: ١٩.

<<  <   >  >>