للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) تخريجُ المناطِ (هُوَ تَعْيِينُ عِلَّةِ الأَصْلِ بِإِبْدَاءِ المُنَاسَبَةِ مِنْ ذَاتِ الوَصْفِ) لا بنصٍّ وغيرِه، وهو أنْ يَكُونَ الأصلُ مُشتملًا على وصفٍ مناسبٍ للحُكمِ، فيَحكُمُ العقلُ بوجودِ تلك العِلَّةِ المناسبةِ أنَّ ذلك الوصفَ هو عِلَّةُ الحُكمِ، كالإسكارِ (١) للتَّحريمِ، والقتلِ العمدِ العدوانِ للقصاصِ.

(وَالمُنَاسَبَةُ لُغَوِيَّةٌ) أي: المرادُ به هنا اللُّغويَّةُ، بخلافِ المُعرَّفِ وهو المناسبةُ، فإنَّها بالمعنى الاصطلاحيِّ حَتَّى لا يَكُونَ تَعريفًا للشَّيءِ بنَفْسِه.

(وَالمُنَاسِبُ: مَا تَقَعُ المَصْلَحَةُ عَقِبَهُ) أي: بأنْ يَكُونَ في إثباتِ الحُكمِ عَقِبَه مصلحةٌ أي: إذا وُجِدَ أو إذا سُمِعَ أدركَ العقلُ السَّليمُ كَوْنَ ذلك الوصفِ سببًا مُفضيًا إلى مصلحةٍ مِن المصالحِ.

(وَزِيدَ) أي: زادَ الطُّوفِيُّ (٢) في الحدِّ: (لِرَابِطٍ) ما (عَقْلِيٍّ) أي: لرابطٍ مِن الرَّوابطِ العقليَّةِ بينَ تلك المصلحةِ وذلك الوصفِ.

مثالُه: إذا قِيلَ: المُسكِرُ حرامٌ، أَدرَكَ العقلُ أنَّ تَحريمَ المسكرِ (٣) مُفضٍ إلى مصلحةٍ، وهي حفظُ العقلِ مِن الاضطرابِ، وإذا قيلَ: القصاصُ مشروعٌ، أَدرَكَ العقلُ أنَّ مشروعيَّةَ القصاصِ سببٌ مُفضٍ إلى مصلحةٍ وهي حفظُ النُّفوسِ.

تنبيهٌ: قولُه: «لرابطٍ عقليٍّ» أخذًا مِنَ النَّسبِ الَّذِي هو القَرابةُ، فإنَّ المناسِبَ هنا مستعارٌ ومُشتَقٌّ مِن ذلك، ولا شكَّ أنَّ المُتناسِبَينِ في بابِ النَّسبِ كالأخوَينِ وابنَيِ العمِّ، ونحوِه، إِنَّمَا كانا مُتَنَاسِبَينِ لمعنًى رابطٍ


(١) في «ع»: كإسكار.
(٢) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٣٨٢).
(٣) في «د»: السكر.

<<  <   >  >>