للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) ما هو مُلْحَقٌ بالضَّروريِّ (مُكَمِّلٌ لَهُ) في حُكمِه، ومَعنى كونِه مُكَمِّلًا له: أنَّه لا يَستقِلُّ ضروريًّا بنَفْسِه، بل بطريقِ الانضمامِ، فله تأثيرٌ فيه لا بنفسِه، فيَكُونُ في حُكمِ الضَّرورةِ مبالغةً في مُراعاتِه، (كَـ) المُبالغةِ فِي (حِفْظِ العَقْلِ بِالحَدِّ بـ) تحريمِ شُربِ (قَلِيلٍ مُسْكِرٍ) والمبالغةِ في حِفظِ الدِّينِ بتحريمِ البدعةِ وعقوبةِ المُبتدعِ الدَّاعي إليها، والمبالغةِ في حِفظِ النَّفسِ بإجراءِ قصاصٍ في الجِراحاتِ ونحوِ ذلك؛ لأنَّ الكثيرَ المُسكِرَ مُفسِدٌ للعقلِ، ولا يَحصُلُ إلَّا بإفسادِ كلِّ واحدٍ مِن أجزائِه فحدُّ شاربِ القليلِ؛ لأنَّ القليلَ مُتلِفٌ لجزءٍ مِن العقلِ وإنْ قَلَّ، والمبالغةِ في حِفظِ النَّسبِ بتحريمِ النَّظرِ (١) واللَّمْسِ والتَّعزيرِ عليه، وكذلك المبالغةِ في حِفظِ المالِ والعِرضِ وغيرِها بتعزيرِ الغاصبِ ونحوِه وتعزيرِ السَّابِّ بغيرِ اِلقذف، ونحوِ ذلك، وقد نَبَّهَ الشَّارِعُ على إلحاقِ ذلك بقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ»، ثمَّ قال: «أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ» (٢).

تنبيهٌ: كَوْنُ حفظِ العقلِ ضروريًّا في كلِّ مِلَّةٍ نظرٌ؛ فإنَّ الكِتابيَّ لا يُحَدُّ على الأصحِّ لاعتقادِه إباحتَه.

(٢) (وَ) القِسمُ الثَّاني مِن الدُّنيويِّ (حَاجِيٌّ) وهو ما كانَتْ مَصلَحَتُه في مَحَلِّ الحاجةِ لا في مَحَلِّ الضَّرورةِ، ويُقالُ له: المصلحيُّ (كَبَيْعٍ، وَنَحْوِهِ) كإجارةٍ ومساقاةٍ؛ لأنَّ مالكَ الشَّيءِ قد لا يُعيرُه (٣) ولا يَهَبُه، وليسَ كلُّ أحدٍ يَعرِفُ عملَ الأشجارِ ولا التِّجارةَ، وقد يَعرِفُ ذلك، ولكنَّه مشغولٌ


(١) ليس في «ع».
(٢) رواه البخاري (٢٠٥١)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النُّعمان بن بشير -رضي الله عنه-.
(٣) في «د»: يعير.

<<  <   >  >>