للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرَّقيقُ مُستغرِقٌ في خدمةِ سيِّدِه، وأمَّا روايتُه وفتواه فإِنَّما جازا منه لعدمِ الضَّرَرِ بما يَتَرَتَّبُ عليها، فلذلك فارَقَا القضاءَ ونَحوَه.

(أَوْ) أي: والضَّربُ الثَّاني مِنَ التَّحسينيِّ: ما يُنافي قواعدَ الشَّرعِ أي: (مُعَارِضٌ) لها (كَالكِتَابَةِ) فإنَّها من حيثُ كونُها مَكْرُمَةً في القاعدةِ مُستحسَنَةً احتملَ الشَّرعُ فيها خَرمَ قاعدةٍ مُمهِّدةٍ وهي امتناعُ بيعِ الإنسانِ مالَ نَفْسِه بمالِ نفسِه ومعاملةِ عبدِه، ومِن ثمَّ لم تَجِبِ الكتابةُ عندَ المُعظَمِ.

(وَلَيْسَتْ هَذِهِ المَصْلَحَةُ) الدُّنيويَّةُ الواقعةُ عَقِبَ المناسبِ لرابطٍ عقليٍّ (بِحُجَّةٍ) على الصَّحيحِ، وتُسَمَّى المصلحةَ المُرسَلَةَ، واحتجَّ له بأنَّا لم نَعلَمْ محافظةَ الشَّرعِ عليها، ولذلك لم يُشْرَعْ في زَوَاجِرِها أبلغُ ممَّا شُرِعَ كالمُثْلَةِ في القصاصِ، فإنَّها أبلغُ في الزَّجرِ [عن القتلِ، وكذا القتلُ في السَّرقةِ وشربِ الخمرِ، فإِنَّه أبلغُ في الزَّجرِ] (١) عنهما، ولم يُشرَعْ شيءٌ مِن ذلك، فلو كانَتْ هذه المسألةُ حُجَّةً لحافَظَ الشَّرعُ على تحصيلِها بأبلغِ الطُّرُقِ، لكنَّه لم يُعلَمْ (٢) بفعلِ ذلك، فلا يَكُونُ حُجَّةً، فإثباتُها حُجَّةً وضعٌ للشَّرعِ بالرَّأيِ، كما يُحكَى أنَّ مَالِكًا أجازَ قَتْلَ ثُلُثِ الخلْقِ لإصلاحِ الثُّلُثَينِ، ومحافظةُ الشَّرعِ على مصلحتِهم بهذا الطَّريقِ غيرُ معلومٍ.

(وَ) الضَّربُ الثَّاني مِن «المناسِبِ»: (أُخْرَوِيٌّ، كَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ) عنِ الرَّذائلِ (وَرِيَاضَتِهَا) وتهذيبِ الأخلاقِ، فإنَّ تأثيرَ منفعةِ ذلك في سعادةِ الآخرةِ.

(وَقَدْ يَتَعَلَّقُ) المناسبُ (بِهِمَا) أي: بالدُّنيويِّ والأُخرويِّ (كَإِيجَاِب الكَفَّارَةِ) بالمالِ، فتَعَلُّقُه بالدُّنيويِّ ما يَعودُ على الفقراءِ مِن المصلحةِ


(١) ليس في «ع».
(٢) زاد في «ع»: بذلك.

<<  <   >  >>