للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تَقَرَّرَ ذلك، (فَإِنْ عُلِمَتِ العِلَّةُ) في الوصفِ (بِنَصٍّ) عليها كجهةِ القِبلةِ الَّتي هي مناطُ وجوبِ استقبالِها المشارُ إليه بقولِه تَعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (١)، ومعرفتُها عندَ الاشتباهِ مظنونٌ، (أَوْ) عُلِمَتْ بـ (إِجْمَاعٍ) كتحقيقِ المِثلِ [في قوله] (٢) تَعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٣)، أو عُلِمَتْ باستنباطٍ كالشِّدَّةِ المُطربةِ الَّتي هي مَناطُ تحريمِ شُربِ الخمرِ، (احْتُجَّ بِهِ) أي: بتحقيقِ المناطِ المعلومةِ عِلَّتُه بأحدِ هذه الثَّلاثةِ، فالنَّظرُ في كَوْنِ هذه الجهةِ جِهةَ القِبلَةِ في حالِ الاشتباهِ، وكونِ النَّبيذِ خَمرًا للشِّدَّةِ المُطربةِ المَظنونةِ بالاجتهادِ، وكذا تحقيقُ المِثلِ في قولِه تَعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٤).

لكنْ قال بعضُ أصحابِنا: لا نَعرِفُ خلافًا في صِحَّةِ الاحتجاجِ به إذا كانَتِ العِلَّةُ معلومةً بالنَّصِّ أو الإجماعِ، إِنَّمَا الخلافُ إذا كانَ مَدرَكُ معرفتِها الاستنباطَ. انتهى.

تنبيهانِ:

أحدُهما: أنَّ مناسبةَ التَّسميةِ في تخريجِ المناطِ وتنقيحِه وتحقيقِه ظاهرةٌ؛ لأنَّ المجتهدَ أوَّلًا استخرجَ العِلَّةَ مِن منصوصٍ في حكمٍ مِن غيرِ نصٍّ على عِلَّتِه، ثمَّ جاءَ في أوصافٍ قد ذُكِرَتْ في التَّعليلِ، فنَقَّحَ النَّصَّ ونحوَه في ذلك وأَخَذَ منه ما يَصلُحُ عِلَّةً وأَلْغَى غيرَه، ثمَّ لَمَّا نُوزِعَ في كَوْنِ العِلَّةِ ليسَتْ في المحلِّ المتنازَعِ فيه بَيَّنَ أنَّها فيه وحَقَّقَ ذلك، واللهُ أعلمُ.


(١) البقرة: ١٤٤، ١٥٠.
(٢) في «د»: بقوله.
(٣) المائدة: ٩٥.
(٤) المائدة: ٩٥.

<<  <   >  >>