(٢) (وَإِنْ) كانَ الجامعُ وصفًا لازمًا مِن لوازمِ العِلَّة، أو أثرًا مِن آثارِها، أو حُكمًا مِن أحكامِها بأنْ (جُمِعَ فِيهِ) أي: في القِيَاسِ (بِمَا يُلَازِمُهَا) أي: العِلَّةَ (أَوْ) جُمِعَ فيه (بِأَحَدِ مُوجِبَيْهَا فِي الأَصْلِ) المَقِيسِ عليه (لِمُلَازَمَةِ الآخَرِ) ليُستدَلَّ به عليه (فَـ) هو (قِيَاسُ دَلَالَةٍ) لأنَّ المذكورَ لَيْسَ عينَ العِلَّةِ بل شيءٌ يَدُلُّ عليها.
مِثالُ الأوَّلِ: قياسُ النَّبيذِ على الخمرِ بجامعِ الرَّائحةِ الفائحةِ الملازمةِ للشِّدَّةِ المُطرِبةِ، وليسَتْ نَفسَ العِلَّة، وإنَّما هي لازمةٌ لها.
ومثالُ الثَّاني: قَوْلُنا في المُثْقَلِ: قَتلٌ أَثِمَ به فاعلُه مِن حيثُ إنَّه قتلٌ، فوَجَبَ فيه القصاصُ كالجارحِ، فالإثمُ به ليسَ نفسَ العِلَّة بل أثرٌ مِن آثارِها.
ومثالُ الثَّالثِ: قياسُ قطعِ جماعةٍ بواحدٍ على قَتْلِها بواحدٍ بواسطةِ الاشتِراكِ في وجوبِ الدِّيَةِ عليهم بتقديرِ إيجابِها، فوُجوبُ الدِّيَةِ عليهم إِنَّمَا هو أحدُ مُوجَبَيِ العِلَّةِ الَّذِي هو وجوبُ الدِّيَةِ ليُستَدَلَّ به على مُوجَبها الآخَرِ، وهو وجوبُ القصاصِ عليهم، وليسَ عينَ عِلَّةِ القصاصِ بل حُكمٌ مِن أحكامِها، وثبوتُ حُكمِ الفرعِ بعِلَّةِ الأصلِ أَوْلَى لتَعَدِّيها واطِّرادِها وانعكاسِها.
(٣) (وَ) إنْ كانَ (مَا جُمِعَ) مِن القِيَاسِ (بِنَفْيِ الفَارِقِ؛ فَـ) هو (قِيَاسٌ فِي مَعْنَى الأَصْلِ) كإلحاقِ البولِ في إناءٍ، وصَبِّه في الماءِ الدَّائمِ بالبولِ فيه.
(وَيَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِالقِيَاسِ) في الشَّرعيَّاتِ (عَقْلًا) عندَ الأربعةِ وغيرِهم؛ لأنَّه لا يَمتنعُ عقلًا، نحوُ قولِ الشَّارِعِ: حَرَّمْتُ الخمرَ لإِسكارِه فقِيسوا عليه ما في مَعناه، ولأنَّه يَتَضَمَّنُ دَفعَ ضررٍ مظنونٍ وهو واجبٌ عقلًا، فالقِيَاسُ واجبٌ عقلًا، والوجوبُ يَستلزمُ الجوازَ، (وَ) لأنَّه (وَقَعَ شَرْعًا) عندَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute