للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأوَّلُ (كَتَلَقِّي:

(١) تَخْفِيفٍ مِنْ تَغْلِيظٍ، كَقَوْلِ حَنَفِيٍّ: القَتْلُ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا كَفَّارَةٌ كَبَقِيَّةِ الكَبَائِرِ، فَـ) قَوْلُهُ (١) أي: المُستدلِّ: (جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ تُناسِبُ التَّغليظَ).

(أَوْ) تَلَقِّي (تَوْسِيعٍ مِنْ تَضْيِيقٍ، كـ) قولِه: (الزَّكَاةُ مَالٌ وَاجِبٌ إِرْفَاقًا لِدَفْعِ الحَاجَةِ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي، كَالدِّيَةِ عَلَى العَاقِلَةِ، فَـ) قَوْلُهُ: (لِدَفْعِ (٢) الحَاجَةِ (٣) يَقْتَضِي الفَوْرَ).

(٢) (أَوْ) أي: والنَّوعُ الثَّاني: كتَلَقِّي (إِثْبَاتٍ مِنْ نَفْيٍ، كَـ) قولِه: (المُعَاطَاةُ فِي اليَسِيرِ بَيْعٌ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ سِوَى الرِّضَا، فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ كَغَيْرِهِ، فَـ) قولُه: (الرِّضَى يُنَاسِبُ الِانْعِقَادَ).

وإنَّما سُمِّيَ هذا فسادَ الوضعِ؛ لأنَّ وضعَ القِيَاسِ جَعَلَه في مَحَلٍّ على هيئةٍ أو كيفيَّةٍ صالحةٍ لأنْ يَتَرَتَّبَ على ذلك الحُكمِ المطلوبِ، فإذا كانَ ذلك المحلُّ أو تلك الهيئةُ لا تُناسِبُ: فَسَدَ وضعُه، فإذا اقتضَتِ العِلَّةُ نقيضَ الحُكمِ المُدَّعَى أو خلافَه: كانَ ذلك مُخالفًا للحِكمةِ؛ إذْ مِن شأنِ العِلَّةِ أنْ تُناسِبَ مَعلُولَها؛ لأنَّها تُخالِفُه، فكانَ ذلك فاسدَ الوضعِ بهذا الاعتبارِ.

(وَجَوَابُهُمَا) أي: جوابُ نَوْعَيْ فسادِ الوضعِ (بِتَقْرِيرِ (٤) كَوْنِهِمَا كَذَلِكَ) فيُقَدَّرُ كَوْنُ الدَّليلِ صالحًا لاعتبارِه في ترتيبِ الحُكمِ عليه، كأنْ يَكُونَ له جهتانِ يَنظُرُ المُستدلُّ مِن إحداهما والمُعتَرضُ مِن الأُخرى، كالارتفاقِ ودفعِ الحاجةِ في مسألةِ الزَّكاةِ، ويُجابُ عنِ الكَفَّارةِ في القتلِ بأنَّه غُلِّظَ فيه


(١) في «ع»: فقول.
(٢) في «ع»: دفع.
(٣) ليس في «د».
(٤) في «د»: تقرير.

<<  <   >  >>