فِي أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ)؛ لِأَنَّهُ جَعلُ أمرٍ مخصوصٍ بالأصلِ عِلَّةً أو بالفرعِ مانعًا، فالأوَّلُ أن يَجعَلَ المُعتَرضُ تَعَيُّنَ صورةِ الأصلِ المقيسِ عليها هو العِلَّةَ في الحُكمِ كقولِ حنفيٍّ في التَّبييتِ: صومُ عينٍ، فيَتَأَدَّى بالنِّيَّةِ قبلَ الزَّوالِ كالنَّفلِ. فيُقالُ: صومُ نفلٍ فيَنبَنِي على السُّهولةِ، فجازَ بنِيَّةٍ مُتأخِّرَةٍ، بخلافِ الفرضِ.
وبالجملةِ: فهذا القسمُ راجعٌ إلى معارضةٍ في الأصلِ؛ أي: معارضةِ عِلَّةِ المستدلِّ فيه لعِلَّةٍ أُخرى.
والثَّاني: أنْ يَجعَلَ تَعيُّنَ الفرعِ مانعًا مِن ثبوتِ حُكمِ الأصلِ فيه، كقولِهم: يُقادُ المسلمُ بالذِّمِّيِّ قياسًا على غيرِ المسلمِ بجامعِ القتلِ العمدِ العدوانِ، فيَقولُ المُعتَرضُ: تَعَيُّنُ الفرعِ وهو الإسلامُ مانعٌ مِن وجوبِ القصاصِ عليه والفارقُ قادحٌ في الأصلِ؛ لأنَّه على أيِّ وجهٍ وَرَدَ يُوهِنُ غَرَضَ المُستدلِّ مِن الجمعِ، ويُبطِلُ مقصودَه.
(وَيَحْتَاجُ) الفرقُ (القادحُ فِي الجَمْعِ) بينَ الأصلِ والفرعِ (إِلَى: دَلَالَةٍ وَأَصْلٍ، كَالجَمْعِ) بينَهما، وإلَّا فدَعوى بلا دليلٍ، ومفهومُه أنَّ الفرقَ يَكُونُ قادحًا وغيرَ قادحٍ، ولهذا بَنَى بعضُهم قبولَ القسمِ الأوَّلِ على منعِ التَّعليلِ بعِلَّتَينِ، والثَّاني على جَعلِ النَّقضِ معَ المانعِ قادحًا.
(وَإِنْ أَحَبَّ) المُعتَرضُ (إِسْقَاطَهُ) أي: الفرقِ (عَنْهُ) أي: عن المستدلِّ (طَالَبَ المُسْتَدِلَّ بِصِحَّةِ الجَمْعِ).
مثالُه: الصَّبيُّ غيرُ مُكَلَّفٍ، فلا يُزَكِّي كمن لم تَبْلُغْه الدَّعوى، فيُنتقَضُ بعُشرِ زرعِه والفطرةِ، فسؤالٌ صحيحٌ بخلافِ التَّفرقةِ بالفسقِ بينَ النَّبيذِ والخمرِ؛ لأنَّه لَيْسَ مِن حُكمِ العِلَّة، ثمَّ يَجُوزُ جَلْبُها للتَّحريمِ فقطْ؛ لأنَّه أعمُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute