للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَيُجِيبُ، أَوْ يُبَيِّنُ عَجْزَهُ) بتحقيقِ الجوابِ (وَلَا يُجِيبُ) مسؤولٌ سائلًا (١) (مُفْصِحًا) بسؤالِه (تَعْرِيضًا) بالجوابِ. فإذا سَأَلَه السَّائلُ بالإفصاحِ لم يَقنَعْ بالجوابِ إلَّا بالإفصاحِ.

قالَ في «الواضح»: ولا يَصِحُّ الجدلُ معَ الموافقةِ في المذهبِ، إلَّا أنْ يَتَكَلَّمَا على طريقِ المُباحثةِ، فيُقَدِّرون الخِلافَ لتَصِحَّ المطالبةُ ويتَمَكَّنُ مِن الزِّيادةِ، وليسَ على المسؤولِ أنْ يُجِيبَ السَّائلَ عن كلِّ ما سَأَلَه عنه (٢).

(وَعَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمَا؛ لِتَظْهَرَ حُجَّتُهُ) فيه وسلامتُه مِن المطاعنِ عليه، وإلَّا خرجَ عن حدِّ السُّؤالِ الجدليِّ، والكلامُ في هذا الشَّأنِ إِنَّمَا يُعَوَّلُ فيه على الحُجَّةِ لتَظهَرَ والشُّبهةِ لتَبْطُلَ، وإلَّا فهدرٌ، وهو الَّذِي رُفِعَتْ بشُؤمِه ليلةُ القدرِ، وإليه انْصَرَفَ النَّهيُ عن قِيلَ وقال.

فائدةٌ: الحُجَّةُ لغةً: القصدُ، ومنه حَجُّ البيتِ، وقد يُقالُ للشُّبَهِ: حُجَّةٌ داحضةٌ، ولا يَجُوزُ إطلاقُه حَتَّى يُبَيِّنَ أنَّه استعارةٌ، وما شَهِدَ -بمَعنى حَكَمَ (٣) - آخرُ حُجَّةٌ، نحوُ: الجسمُ مُحدَثٌ يَشْهَدُ بأنَّ له مُحْدِثًا، وما لا يَشهَدُ دَلالةٌ، كـ: الجسمُ موجودٌ، إلَّا أنَّه كَثُرَ، فوَقَعَتْ موضِعَ الحُجَّةِ، ومِن الفَرقِ إشارةُ الهادي إلى الطَّريقِ والنَّجمِ والرِّيحِ على القبلةِ دَلالةٌ لا حُجَّةٌ، وإن قالَ المجيبُ: لو جازَ كذا لجازَ كذا فهو كقولِ السَّائلِ: إذا كانَ كذا فلم لا يَكُونُ كذا، إلَّا أنَّه لا يَلْزَمُه أن يَأْتيَ بالعلَّةِ الموافقةِ بينَهما؛ لأنَّه مِن فرضِ المجيبِ، ويَلْزَمُ المجيبَ أنْ يُبَيِّنَ له، ولو كَانَ للمجيبِ

أنْ يَقُولَ له: ومِن


(١) ليس في «د».
(٢) «الواضح في أصول الفقه» (١/ ٣٠٩).
(٣) ليس في «د».

<<  <   >  >>