للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّحيحُ، وإلَّا لَمَا كانَ فَعَلَه.

(٤) (وَ) مِثْلُه (مَفْهُومُ كَلَامِهِ) فنَحكُمُ على ذلك المفهومِ بما يُوافِقُ المنطوقَ إنْ كانَ مفهومَ موافقةٍ، أو بما يُخالِفُه إنْ كانَ مَفهومَ مخالفةٍ.

(فَـ) على هذا (لَوْ قالَ) المجتهدُ (فِي مَسْأَلَةٍ بِخِلَافِهِ) أي: بخلافِ مفهومِ كلامِه (بَطَلَ) كونُ ذلك المفهومِ مذهبًا له،

(٥) (فَإِنْ عَلَّلَهُ بعِلَّةٍ فَقَوْلُهُ: مَا وَجَدْتُ فِيهِ) أي: إذا نَصَّ المجتهدُ على حُكْمِ مسألةٍ وبَيَّنَ عِلَّةَ ذلك الحكمِ ما هي، ثمَّ وُجِدَتْ تلك العِلَّةُ في مسائلَ أُخَرَ، فمَذهَبُه في تلك المسائلِ كمذهبِه في المسألةِ المنصوصِ عليها، (وَلَوْ قُلْنَا بِتَخْصِيصِ العِلَّةِ) في الأصحِّ؛ لأنَّ الحُكمَ يَتبَعُ العِلَّةَ فيُوجَدُ (١) حيثُ وُجِدَت، ولأنَّ هذا وُجِدَ في كلامِ صاحبِ الشَّرعِ، ففي كلامِ المجتهدينَ كذلك وأَوْلى؛ لأنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الكَفَّارةَ في سِياقِ ذَمِّهم بأنَّهم يَقولون مُنكرًا مِن القولِ وزورًا، ففَهِمْنا مِن ذلك تعليلَ وجوبِ الكَفَّارةِ بقولِ المنكَرِ والزُّورِ على جهةِ العقوبةِ، فقُلنا: إذا قالَتِ المرأةُ لزَوجِها: أنتَ عليَّ كظهرِ أبي لَزِمَتْها الكَفَّارةُ؛ لأنَّها قد أَتَتْ بالمنكَرِ مِن القولِ والزُّورِ، وقد رَوَى الإمامُ أحمدُ -أو رُوِيَ له- أنَّ قومًا على ماءٍ لهم مَرَّ بهم قومٌ آخرون فاسْتَسْقُوهم فلم يَسْقُوهم حَتَّى ماتوا عَطَشًا، فضَمَّنَ عمرُ أصحابَ الماءِ دِياتِهم (٢)، فقِيلَ لأحمدَ: تَقولُ بهذا؟ قالَ: إي واللهِ، يَقولُه (٣) عمرُ -رضي الله عنه- ولا آخُذُ به! فلمَّا عَلَّلَ بأنَّ عمرَ -رضي الله عنه- قاله دَلَّ على أنَّه يَأخُذُ بقولِ عمرَ وغيرِه من الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- في كلِّ حُكمٍ ما لم يَمنَعْه مانعٌ، وأنَّ قولَ


(١) في (د): فيوجد فيه.
(٢) في «ع»: ديتهم.
(٣) في «د»: يقول.

<<  <   >  >>