للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على نَقْلِهِ، فيُرَجَّحُ ما لا تَعُمُّ به البلوى عَلَى مَا تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى لكَوْنِه أبعدَ من الكذبِ ممَّا تَعُمُّ به البلوى؛ لأنَّ تَفَرُّدَ الواحدِ بنقلِ ما تَتَوَفَّرُ الدَّواعي على نَقْلِه يُوهِمُ الكذبَ.

(وَ) يَقَعُ التَّرجيحُ في المرويِّ عنه وهو الفصلُ الرَّابعُ مِن الفصولِ الواقعةِ في السَّنَدِ، فيُرَجَّحُ (مَا) أي: حديثٌ (لَمْ يُنْكِرْهُ المَرْوِيُّ عَنْهُ) على ما أَنْكَرَه، سواءٌ كانَ الإنكارُ إنكارَ جحودٍ أو نسيانٍ (وَمَا أَنْكَرَهُ) المرويُّ عنه (نِسْيَانًا) على ما أَنْكَرَه جحودًا، وذلك مَعنى قولِه: (عَلَى ضِدِّهِمَا).

النَّوع الثَّاني مِن القِسمِ الأوَّلِ الَّذِي يَقَعُ التَّرجيحُ فيه بينَ مَنقولَيْنِ:

(المَتْنُ) وهو مبنيٌّ على تفاوُتِ دَلالاتِ العباراتِ في أَنفُسِها، فيُرَجَّحُ الأدلُّ منها فالأدلُّ؛ أي: إنَّ العباراتِ تَتَفَاوَتُ في الدَّلالةِ على المعاني بالقُوَّةِ والضَّعفِ والبيانِ والإجمالِ والإيضاحِ والإشكالِ، فما كانَ مِنها أقوى دَلالةً قُدِّمَ على غيرِه وهو قاعدةُ هذا النَّوعِ، فالنَّصُّ مُقَدَّمٌ على الظَّاهرِ؛ لأنَّ النَّصَّ أَدَلُّ لعدمِ احتمالِه غيرَ المرادِ، والظَّاهرُ يَحتمِلُ غيرَه، وإنْ كانَ احتمالًا مرجوحًا، لكنَّه يَصلُحُ أنْ يَكُونَ مرادًا بدليلٍ.

إذا عَرَفْتَ ذلك فـ (يُرَجَّحُ) مِن المتنِ خبَرٌ فيه:

(نَهْيٌ عَلَى أَمْرٍ) أي: على خبرٍ فيه أمرٌ لشِدَّةِ الطَّلبِ فيه لاقتضائِه للدَّوامِ ولقلَّةِ مَحامِلِه، ولأنَّ دَفعَ المفسدةِ أهمُّ مِن حصولِ المصلحةِ،

(وَ) يُرَجَّحُ خبَرٌ فيه (أَمْرٌ عَلَى مُبِيحٍ) لاحتمالِ الضَّررِ بتقديمِ المبيحِ بلا عكسٍ،

(وَ) يُرَجَّحُ (خَبَرٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ) النَّهيُ والأمرُ والإباحةُ؛ لأنَّ دَلالتَه

<<  <   >  >>