في اليوم الثالث من شهر يونيو (حزيران) سنة ١٨٩٠، وقف رجل في محطة سكة حديد لندن والنواحي الغربية الوسطى في ليفربول، وطلب أن يرى مستر جايمس بلاند ناظر تلك المحطة. وكان هذا الرجل كهلاً أسمر اللون، قصير القامة، محدودب الظهر، كأن في عموده الفقري تقوساً أصلياً. وكان يرافقه رجل مهيب تدل ملامحه على أنه إسباني الجنس، أو أمريكي من اهالي أمريكا الجنوبية. وهو متأبط محفظة صغيرة من الجلد الأسود مشدودة إلى يده اليسرى بسيرٍ قد انطبقت عليه قبضته بحرصٍ شديد.
ولما مثل الأقوس بحضرة مستر بلاند تسمى قائلاً: أنا لويس كاراتال. وقد وصلت الساعة آتياً من أحد ثغور أمريكا الوسطى، وقاصداً إلى باريس حيث تستدعيني أشغال عظيمة الأهمية جداً. ولقد ساءني كثيراً أنني لم أدرك قطا الإكسبريس الذي سافر منذ هنيهةٍ إلى لندن. وليس في طاقتي أن أتربص ريثما يسافر القطار الآخر لأن كل ساعة أقضيها بعيداً عن باريس تكون بمثابة قضاءٍ مبرم على أعمال وآمالي. لهذا أود السفر في قطارٍ خاص بي وحدي غير مكترث للمال الذي يجب علي بذله في هذا السبيل.
فأمر مستر بلاند بأن تعد قاطرة خصوصية، وبأن تربط بها عربة للفحم، وعربتان، إحداهما تحتوي على قس معد للجلوس فيه، وقسم يعرف بغرفة التدخين والأخرى لا معنى لها سوى تخفيف ارتجاج العربة الأولى. فدخل لويس كاراتال ورفيقه الذي لم يعرف أحد اسمه إلى الأولى وبقيت الثانية خالية خاوية.
ولم يكد يعود مستر بلاند إلى مكتبه حتى وقف بين يديه رجل يدعى مستر