ديوان المازني - عنيّت الزُّهور منذ نشأتها بنشر المختار من الشعر العصري فلم يصدر جزءٌ من أجزائها قط إلاَّ وفيهِ بضعُ صفحاتٍ جامعة لأجوَد ما نظمهُ في حينهِ كبار شعراء مصر وسوريا والعراق. وكان هؤلاء الأفاضل , وما برحوا إلى اليوم , يختصُّون هذه المجلَّة بنفثاتِ قرائحهم حتى حقَّقوا غايتها التي إنما أُنشئت لها وهي أن تكون صلة تعارفٍ بين أدباء اللغة العربية في كل قطرٍ. على أننا نأسف أن يكون بين شعراء مصر المجيدين شاعر لم توفَّق الزهور بعدُ إلى عرض شعرهِ الطيّب على قرَّائها المتشتتين في الأقطار العربية والأميركية وهو إبراهيم عبد القادر أفندي المازني؛ فإن هذا الشاعر العصري كاد أن يكون مجهولاً منَّا نحن مقيمون في مصر وحضرتهُ من أبنائها الأفاضل , فكيف بزملائهِ الأدباء في سوريا والعراق وغيرهما. وليس حظ سائر الصحف والمجلاَّت المصرية بأجمل من حظّ الزهور في هذا المعنى. لذلك يقُّ لنا أن نقول إِنَّ ديوانهُ فاجأنا مفاجأةً في خلال هذا الشهر , ولكن مفاجئة الحَسَن السارّ. قلّبنا هذا الديوان صفحةً صفحةً فما وقعتِ العين فيهِ على موضوعٍ مبتذل قط. فليس هناك مديح أو رثاء أو تهنئة أو عزاء؛ بل الديوان في مجملهِ مجموعة عواطف جاشت بها النفس فنظمها الفكر شعراً , والشعرَ ما صدرَ عن النفس وأرسلهُ الخاطر عفواً؛ فالمازني بحكم هذه القاعدة المأثورة شاعر مطبوع لا ينظم إِلاَّ خطراتِ خاطرِهِ , ولا يترجم بمنظومهِ إِلاَّ