للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في رياض الشعر]

ذكرت الهوى

ذكرتُ الهوى أيامَ يصفو فنحتسي ... ويضفوا لصبى عن جانبَيهِ فنكتسي

نقضّي مُنانا من رياض وأوجهٍ ... ونشفي صَدانا من شفاهٍ وأكؤسِ

لذاذاتُ عيشٍ صالحٍ كُنَّ أنعماً ... فأعقبنَ من حدثانِ دهرٍ بأبوسِ

طوينا بقاياها ففاضت من الأسى ... بقايا قلوبٍ جازعاتٍ وأنفسِ

خلت أرُبع الأهواءِ إلاّ من البلى ... يعّفي بها آثارَ ملهى ومجلسِ

تعوّضتُ عنها بالياً بعد مُونقٍ ... وبُدّلتُ منها موحشاً بعد مؤنسِ

ألا هل لأيامِ الشبيبةِ رجعةٌ ... فأطمعَ في ماضٍ من العيشِ موئسِ

تمتعتُ من دهري بظبيٍ مرتبٍ ... فقد عاد يرميني بسيدٍ عمَلَّسِ

أقول لنفسي والأسى يستثيرُها ... مكانكِ أن النفسَ بالنفسِ تأتسي

ألم تعلمي أنَّ الزمانَ بأهله ... يدورُ وأنَّ الصفوَ نغبةُ محتسِ؟

متى تطلبي ما ليسَ للدهر شيمةٌ ... تُعاقي عن الأمر المرومِ وتحُسبي

أجدّك هل تقضين كلَّ لُبانةٍ ... بطول التمّني أو بطولِ التلمُّسِ

إذا الحاجُ لم تُقدَرْ فليس بنافعٍ ... تقحّمُ أصليتٍ وإقدامُ مُدعسِ

صرفتُ رَجائي عن مطالبَ جمّةٍ ... وليس الذي يرجو المحالَ بكتسِ

وعفتُ الدنايا فاحتفظتُ بمنصبي ... وأبقيتُ عرضي طاهراً لم يدنسِ

سجيّةُ حرِّ النفسِ لا متعرّضٍ ... لعوراَء يبغيها ولا متمرّسِ

كريمٍ متى ما يَعْدُ كفّيه منفسٌ ... يُدلَّ بأغلى منهُ قدراً وأنفَسِ

وما فاتني غُنمٌ إذا عفَّ مطمعي ... وعُرّيَ من سوءِ الأحاديثِ ملبسي

<<  <  ج: ص:  >  >>