ويقول هذا العربي أنه لا يعرف في لغته كلاماً أفظع وأسفه من الكلام المنقوش على هذه البناية.
فدهش القوم لذلك واستغربوا الأمر وقصدوا مهندس الشركة يطلبون الوقوف على سر هذا الخبر. فلما سمع الرواية منهم استلقى على ظهره ضحكاً وقال: الحمد لله فقد وجد أخيراً من يقرأ هذه اللعنات ويفسر معانيها فيشفي غليلي. وليس في نقش ما رأيتم سهو ولا غلط. فإنني أنا فعلت ذلك عمداً مني وبعد إمعان النظر. وكيفية ذلك أنني حين كنت أبني هذه المحطة طلبت من الشركة جوازاً للسفر مجاناً على خطوطها كما تفعل كل شركة مع موظفيها فأبت إجابة طلبي. فتحصلت على أقبح ما جاء في اللغة العربية من الشتائم، ونقشته على الواجهة لعنة ثابتة على كر الأعوام. وهكذا قد أثبت هذه اللعنات منقوشة على اجر مشوي في النار، وحفرت انتقامي من الشركة على حجرٍ أصم بإزميل من فولاذ. . .
[كيف نقضي العمر]
قد اتفق لكل منا أن يقف أحياناً في آخر نهاره متسائلاً: كيف قضيت هذه الأربع والعشرين ساعة التي غارت في بحر الزمان. كم أضعت منها سدة. وكم استعملت منها في الأمور العائدة بالنفع علي أو على إخواني بني البشر. هل عشت حقيقة في هذا النهار أم قتلته قتلاً. . .؟
نتطارح وضميرنا هذه الأسئلة فنجد أن هذه الزيارة مثلاً قد ضيعت علينا وقتاً جزيلاً بلا جدوى. أو أن تلك الدعوة إلى وليمة أو إلى محفل