هي قلعة شامخة الذرى أكب عليها الدهر وانزلها في الحضيض والسفال، فعادت أطلالاً بالية ورسوماً دارسة وخرباً صامتة، تحدث الورى بعظمة الجدود وتناجي النفوس بقدرة الخالق في الوجود والكائنات.
عندها تقف الألوف طويلاً بين متنزه يلهو بالمادة، ومفكر يدرس في كتاب الوجود، ومعتبر يتأمل بمصير الأمور، ومهندس يشتغل بالمقادير والأشكال، وراوٍ محقق يستنطق الآثار ليسجلها ذكرى وعبرة للآتين والكل لا يجسر أن يلفظ كلمته الأخيرة في واضع أسسها ورافع أبراجها.
على ممرها اللاحب جرت الغزاة غازياً إثر غازٍ، وتدفقت الأجناد فيلقاً تلو فيلق، متسابقين متزاحمين متدافعين بين مشتبك القنا وعلى صليل السيوف، وتحت مثار العثير، وعلى هتاف الظفر ونحيط الذعر والاندحار إلى. . . مجد النصر ومجد الفتح. إلى. . . هوة الأبدية ولهوات العدم.
فوق حصونها الهائلة كم بكت من مقل وكم سالت من دماء، وكم تحققت من