إذا كان قد ذهب عصر الأنبياء الذين كانوا يعرفون المستقبل بقوة الوحي , فإن في عصرنا رجالاً ينظرون إلى مصير الإنسانية بعين بصيرتهم النيرة , فيقولون ما نحن صائرون إليهِ على قاعدة سنن العمران. وقد جمعنا لقراء الزهور في مطلع العام الجديد شيئاً من أقوال هؤلاء المفكرين يتم عن رأيهم في مستقبل المجتمع الإنساني: إذا نظرنا إلى أطوار التاريخ يظهر لنا جليّاً أن تأثير الجهل والرذيلة يضعف على التمادي كلما تقدمنا في تاريخ الإنسانية. فالهيئات الاجتماعية تزداد نظاماً بل فضيلة , ومجموع الخير يكثر ومجموع الشرّ ينقص كلما ازددنا معرفة بالحقائق.
العالم برتلو
عندما يقال أن الترقي سنَّة من سنن التاريخ لا يقصد من ذلك أن هناك قوة لازمة تولّد الإصلاح من مرور الأزمان. إن الإنسان في كل زمانٍ ومكان قد أراد إصلاح أرمه فترَّقى من الإصلاح الذاتي إلى فكرة الإصلاح العام. فالترقي متوقف على الإِرادة وحدها. على أنه إذا رسخ في الأذهان يوماً ما مبدأ فلسفي قائل بتلاشي قوة الإرادة فالمدنية حينئذ تتباطأ في سيرها وتتثافل ثم تقفز
الكاتب جورج بيكوت
قصيرة هي حياة بلادٍ لا يُشيَّد بناؤها على أساس التقدّم المادي الذي هو ثمرة الاقتصاد , ونتيجة النشاط والإِقدام في الأشغال , والاجتهاد المتواصل في ميدان الحركة الصناعية. على أنهُ لم تبلغ أمةٌ من الأمم إلى اليوم العظمةَ الحقيقية باعتمادها فقط على تقدّمها المادّي؛ ولذلك فإنه يجب الاعتراف بفضل الذين كوّنوا ترقي الأمة سواءً كانوا من الذين اشتغلوا بعقولهم أو بأيديهم في هذا السبيل