كتبت في العدد الثامن من هذه المجلة الغراء عن المرأة العصرية وكيفية استعمالها التمدن الحديث، وما جلبته من الأضرار بسبب فهمها قشوره لا لبه. وقد أرسلت على ذلك حضرة الآنسة الأديبة ادما كيرلس رداً لطيفاً، ذكرت فيه أني رشقت بنات جنسي بأحد السهام إذ وصفت المرأة التي تقتل الوقت بالزينة، وأهملت ذكر التي تعمل لاكتساب الفضيلة والتحلي بها. وعليه أجيب: إن الذي حملني على وصف النساء المهملات لواجباتهن دون المتفانيات في سبيلها هو أن تلك التي تسعى في خدمة العائلة وتضحي الملاهي والمسرات لتحافظ على ترتيب داخليتها ومستقبل صغارها هي قليلة جداً بالنسبة إلى العدد الكبير من أخواتها الباقيات، يوجد منها تقريباً عشرة بالمئة. وهذا عدد زهيد لا يبنى عليه حكم، ولا يقوم بالشرط المطلوب لسد الثلمة الواسعة في صرح الترقي والعمران. وعليه فقد تكلمت بمقتضى الحالة العمومية التي هي المصدر الحقيقي لكل عامل إن تأخر وإن تقدم. غير أن أقوالي أصابت الحقيقة عينها، ولذا جاءت جارحة لبعض القلوب اللطيفة، ولكني لم أبح بهذه الأفكار، إلا لاعتقادي بوجودنا في عصر النور والمعارف، عصر الحرية، حيث لا يجوز حجب الأفكار عسى أن يستخرج من كل فكرة فائدة، فنصل بعد ذلك إلى الغاية المطلوبة من ازدياد المعارف وارتقاء المدارك.