للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكهانة]

قلنا فيما تقدَّم إن الكهَّان يعرفون الغيب بوحيٍ من الشيطان , فتلك هي الكهانة الأصلية عندهم , وأصحابها أوسع الكهان عاماً وأعظهم خطراً , وأسماهم مقاماً؛ ولكنَّ هنالك طرقاً أخرى لمعرفةِ الغيب تختلف عن الكهانة الأصلية في أسبابها وشروطها وكيفيتها؛ كالعرافة والعيافة والطرق بالحصى والَحزو والتنجيم وكلها ضروبٌ من الكهانة إلاَّ أن أهلها أقلُّ من الكهان علماً , وأدنى منهم رتبة , وهم نفسهم مراتب ودرجات. والعربُ يطلقون اسم الكاهن على العرَّاف , والعائفِ , والطارق بالحصى , والحازي , والمنجّم , وعلى كل متكهّن يتعاطى الخبرَ عن الكائنات في مستقبل الزمان. وربما استعمل بعضهم العرَّاف بمعنى الكاهن , فيطلقه على كل متكهن أما العرِّاف فهو الذي يعرف الأمورَ بمقدمات أسباب يستدلُّ بها على مواقعها من كلام مَن يسأله أو فعلهِ أو حاله. فعلمهُ قاصرٌ على معرفة الشيء المسروق وسارقهِ ومكان الضالة , ودواء المريض , ومواقع السحاب , ونحو ذلك وقد اشتهر من العرَّافين في الجاهلية رُباح بن كحلة عرَّاف اليمامة , والأبلق الأسدَي عرَّاف نجد , وكان كلاهما في العصر الأخير من زمن الجاهلية. وأولهما هو المقصود بقول عروة بن حزام:

فقلتُ لعرَّاف اليمامة داوني ... فإنك إن داويتني لطبيبُ

وإليهما معاً أشار الآخر في قوله:

جعلتُ لعرَّاف اليمامة حكمهُ ... وعرَّاف نجدٍ أن هميا شفياني

فقالا شفاكَ الله والله ما لنا ... بما حملتْ منك الضلوع يدان

وممن اشتهر أيضاً بالعرافة هند صاحب المستنير الذي يقول عنهُ المسعودي أنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>