للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عندي دواةٌ ... كم فرَّجت ليَ كَرْبا

وسوَّدت ليَ حظّاً ... وبيَّضت ليَ قلبا

تَوَهَّتَهْا إِناَء الحُل ... وى فجاَءتهُ وَثْبا

وهاجَمَتْها تُريد الحُل ... وى غلاباً وغَصْبا

أردُّها , لا تبالي , ... أصدُّها , وهي تأبى

فكانَ مَوْقِفُنا في ال ... خصامِ يُشبهُ حَرْبا

تغلَّبتْ , وهيَ طفلٌ ... والطفلُ يأنَفُ غُلبا

فكان حظُّ دواتي ... والحبرِ كسراً وصبَّا

وارحمتا لدواتي! ... وقد سباها الأحِبَّا

كانت لدى الغزوِتَسبي ... فصارتِ اليومَ تُسبَى

[بشارة الخوري]

عِشتُ شَقيّاً ولم أُبالِ ... ولم يمرَّ الهنا ببالي

أُعِّلُ النفسَ في نَهاري ... والزمُ الدرسَ في الليالي

رقَّ شُعوري فَرَقَّ جِسمي ... ورَقَّ دينيو ورَقَّ مالي

أديب ذكي الفؤاد , حساس النفس , إذا كتب راضيا سالت كلماته رضى وصفاء , وإذا كتب غاضباً قطر قلمه سماً زعافاً. أنشأ في بيروت جريدة البرق فملأها أدباً , فمهدت له الشهرة الواسعة التي يتمتع بها اليوم. أما شهره فعواطف مرصفة تؤديها ألفاظ جزلة سلسة مصوغة في قالب مَلئة الرونق والبيان.

[البلبل والبوم]

يا هندُ قد ألِفَ الخميلةَ بلبلٌ ... يشدو فتَصطَفِقُ الغُصونُ وتطربُ

هو شاعرُ الأطيارِ لا مُتكبِّرٌ ... صَلِفٌ , ولا هو بالإِمارةِ مُعجَبُ

تتعشَقُ الأزهارُ عذْبَ غِنائهِ ... فإذا شَدا فبكلِّ ثغرٍ كوكبُ

والغصنُ , والأَوراقُ آذانٌ لهُ , ... ماذا تثرى فيها النسيمُ يُتَبِتبُ؟

وإذا الضُحى لمعَت بوارِق ثغرهِ ... نادى بأجنادِ الطيورِ تأهَّبوا

فسمعتَ للأَطيارِ موسيقي على ... نغماتِها يأتي النهارُ ويذهبُ

والصوتُ موهبةُ السماءِ فطائِرٌ ... يشدو على غُصُنٍ وآخرُ يَنعبُ

هي الهَزارِ مكانةٌ م أجلِها ... دبَّت بأَفئدةِ الحواسدِ عقرَبُ

فتألَّبوا من حولِ أشمطَ أشيبٍ ... يحدو بهِ للشرِّ أشمَطُ أشيَبُ

فإذا همُ حولَ الغُرابِ عصابةٌ ... بأحطَّ من أخلاقِها تتعصَّبُ

فشكوا لبعضهمِ الهزَارَ وجذوةً ... بفؤادِ كلٍّ منهمُ تَتلهَّبُ

وتشاوروا فإذا الوشايةُ خيرُ ما ... شَرَكٍ بهِ يَقعُ الهَزارُ فيُعطبُ

فسعوا بهِ فإذا الهزَارُ مقفَّصٌ ... والبومُ منطلِقُ الجوانحِ يَلعبُ

يا هندُ إِنّي كالهَزارِ فإن يكنْ ... هو مُذنباً فأنا كذلك مُذنِبُ

[إلى لبنان]

إِيهِ لبنانُ! والجداولُ تَجري ... فيك برداً فتُنعشُ الظمآنا

إِيهِ لبنانُ! والنَّسيمُ عليلاً ... يتهادى فيعطفُ الأغصانا

حبَّذا السفحُ معبداً لصغار ال ... طَّيرِ تشدو لربِّها الأَلحانا

خافقاتِ الجناحِ للشمس آناً ... خافقاتِ الفؤاد للحبِّ آنا

آمناتٍ في السفحِ كاسرة الج ... وّ فلا تأتلي بهِ طَيَرانا

فتَرفُّ الأَديمَ تختلس الحَ ... بَّ وتَظمى فتقصدُ الغُدرانا

وإذا الشمسُ ودَّعَت , ودَّعت تل ... كَ السواقي والزَّهرَ والأَفنانا

واستقرَّت في وكرِها آمناتٍ ... كلُّ قلبَينِ يخفقانِ حَنانا

مطبقاتِ الجفونِ يحفظُها الأم ... نُ كما الجفنُ يحفظُ الإِنسانا

أيّها ذي الطيورُ مَن قَسَمَ الح ... ظَّ؟ ومَن قال للشقا كُم فكانا؟

أيّها ذي الطيورُ حسبُكِ في السف ... حِ انطلاقاً جوانحاً ولِسانا

<<  <  ج: ص:  >  >>