للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإحساء ونزل في عُقْرُبا المعروفة وحاصر بلدة العمارية حتى هزلت مواشيهم وأصابتهم أضرار كثيرة. ثمَّ سار الدرعية ونهب بيوتها فقتل أهل الدرعية كثيراً من قومهِ وفرَّ العلماء إلى بلادٍ يجدون فيها راحتهم. ولما مات سعدون المذكور سنة ١١٣٨هـ=١٧٢٥م عُمّرت منازل بني هلال ومنازل بني سعيد وآل بني سليمان في بلدة الروضة المعروفة في ناحية سدير. فتنفس العلماء الصعداء وعاد أغلبهم من مَفَرّهم إلى مقرّهم. وبعد ذلك بمدَّة ظهر آل سعود في الدرعية واستولوا على بلاد نجد والإحساء والقطيف وعمان والعسير وجبل شمَّر (جبل طيء) وانقادت لهم القبائل والبلاد وحصل من أمرهم ما هو مشهور. ورجع العلم إلى دياره وانبعث من قبره كما سنذكره بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

شاتسنا

[أيها القمر]

الآن وقد أظلم الليل وبدأت النجوم تنضح وجه الطبيعة التي أعْيَتْ من طول ما انبعثت في النهار برشاش من النور النديّ ينحدر كأنهُ قطرات من الأمواج المتلاطمة في بحر النسيان الذي تجري فيهِ السفُنُ الكبيرة من قلوب عشاق مهجورين برَّحت بهم الآلام , والزوارق الصغيرة من قلوب أطفال مساكين تنتزعها منهم الأحلام , تلك تحمل إلى الغيب تعَباً وتَرَحاً , وهذه لعباً وفرحاً , والغيب كسجلّ أسماء الموتى تختلف فيهِ الألقاب , وتتباين الأحساب والأنساب , وتتنافر معاني الشيب من معاني الشباب , وهو يعجب من الذين يسمّونهُ بغير اسمهِ ولا يعلمون أنهُ كتاب في تاريخ عصر من عصور التراب. والآن وقد بدأت الطبيعة تتنهد كأنها تُنفّس بعض أكدارها , أو تُمْلي في الكتاب الأسود أخبار نهارها , وبدأ قلبي يتنفس معها كأنهُ ليس منها قطعة صغرى , بل طبيعة أخرى , والله ما أكبر قلباً يسع الحب من قبلة اللقاء إلى ذكراها , ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>