للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رواية الشهر]

العروسان

أغرم لوتيك بإيقون الرائعة الجمال، وكان كلاهما في سن يحن فيها القلب إلى القلب، وتتوق النفس إلى النفس. وكانا يقطنان بريطانيا والعادات القديمة لا تفتأ مرعية تتجلى فيها بأبهى مظاهرها والطباع الكريمة تظهر بأجمل حلاها. وكان حبهما طاهراً يرفع قلب الإنسان إلى أعلى مراتبه السامية، ويهذّب الطباع على خير ما تبتغيه البشر. فإذا خرجا من الكنيسة يوم الأحد استقرا الأنظار وتكلما بالعيون كما كانا يتراسلان كتب الهيام مع هبوب النسيم وتألق النجوم. غير أن إيفون كانت فقيرة لا تملك سوى بقرة واحدة تنتجع الكلاء في الرياض الخضرة وترد الماء في المناهل العذبة. وكان لوتيك قبلة حبها وكعبته غنياً يملك العقارات والضياع وكروم التفاح ولم يكن لأحد من السادة ما كان له من الحلي والحلل النفيسة والدرر اليتيمة. أما والد لوتيك فكان رجلاً محنكاً ذا خبرة بأحوال العالم عليماً بأسرار الغرام فشعر بحب ولده وقال يوماً لزوجته حنة: إني أرى لوتيك يكاد يكون مقطباً فلا يبسن إلا متجهماً ولا يتكلم إلا مدمدماً. ألف الأسى فكأنما بين الأسى قرب وبين قلبه الدامي. على أني عرفت علة حزنه وسبب وجومه فإنه قد اختار لك كنة فتاة فقيرة لا تملك من حطام الدنيا إلا بقرة وهو مالها التليد الوحيد ولكنها بديعة ذات محاسن هيفاء القد تخجل البدر إذا طلع والنجم إذا سطع. ألا يمكن الفضيلة والجمال أن يعوضا عن الغنى والجاه لنضربنَّ صفحاً عن غرامه ولندعه وشانه وليقترن بحليلة أصمت فؤاده بنبال هواها وتيمته بجمال طلعتها.

وآهاً لك أيها القلم تكسر على صخور عجزك وتمزق يا قرطاس بين أنياب ضعفك فإنكما لا تستطيعان أن تعربا عما خامر قلبي ذينك الشابين من السرور والجذل لما أنبأهما والد لوتيك برضاه عن زفافها إليه. فلا خير في يراعٍ يخون الفكر ولا ينقاد للقلب

<<  <  ج: ص:  >  >>