لما سألنا قراءنا هذه السنة عن النوابغ في مصر , أجابنا كثيرون منهم ذاكرين حافظ نجيب النابغة في الاحتيال. والحق يُقال أنهُ لنابغةٌ فذٌّ في بابهِ , يُعَدُّ أرسين لوبين واللص الشريف وسائر أبطال روايات البوليس السري عيالاً عليهِ. كانت المحاكم قد حكمت عليهِ ثلاثة أحكام غيابية لاتهامهِ بالنصب والاحتيال في حوادث غريبة الوقائع , وحكمت عليهِ مرة حكماً حضوريّاً , ولكنهُ تمكن من الفرار من سجنهِ في ٢٧ دسمبر سنة ١٩٠٧ , وظلَّ خمس سنوات يتنقل في القطر المصري والبوليس ينقّب عنُ وهو يواصل أعماله الغريبة. ذهب إثر هربه من السجن إلى الوجه البحري؛ ودخل في دير أشواري , وادَّعى أنهُ راهب واسمهُ غبريال جرجس وبقي هناك بضعة شهور اكتسب في خلالها ثقة الجميع , حتى أصبح صاحب الكلمة المسموعة وحينئذٍ احتال على رئيس الدير وأخذ مبلغ ستمئة جنيه واختفى. ثمَّ قصد دير المحرّق متخذاً اسم الراهب غالي جرجس , وراسل من هناك بعض صحف العاصمة , وكان له كتابات تُذكر في موضوع الخلاف الذي كان قائماً في ذلك العهد بين الجرائد الإسلامية والجرائد القبطية. ولما افتضح أمره , غادر الدير واختفى أثرهُ , إلى أن كان اليوم العاشر من شهر أكتوبر الماضي. فقد بلغ البوليس أن حافظاً موجود في دائرة قسم مصر القديمة وهو متنكرٌ يحترف حرفة درويش يعطي عهوداً فهاجمتهُ قوة من رجال البوليس فوجدوه محاطاً بعدد كبير من الدراويش في حلقة ذكر , ولما رآهم مقبلين إليهِ , أخذ يكبر بصوتٍ عالٍ الله! الله! ولما قبضوا عليهِ , ادَّعى أنهُ الشيخ عبد الله إبراهيم من المنوفية وأنَّ الله يخلقُ من الشبه أربعين. على أنا إدعاءَه هذا لم يجده نفعاً , وسيق إلى السجن. وكان مدة إقامته في مصر العتيقة قد اقترن بإحدى جاراتهِ - وهي تجهل