قطرةُ الندى العالقة بغض الشجرة , عندما تنعكسُ عليها أشعةُ الشمس المشرقة تكون أشبه شيء باللؤلؤة الصافية. تلك القطرةُ اللؤلؤية , إذا هبَّ عليها النسيم الخدَّاع فأسقطها إلى الحضيض , امتزجت بالتراب , فتحوَّلت إلى وحلو ولكن يكفي أن يُصيبها شعاعٌ من الشمس المنعشة , حتى يُبخرها فيطهرها مما لحق بها من الأقذار , ويعيدها إلى صفلئها الأول. . . كذلك قل عن المرأة الطاهرة. فإن قلبها هو أشبهُ شيءِ بتلك اللؤلؤة الجميلة قبل سقوطها من على الغصن , بل هو أبهى وأسنى , فإذا هبَّت عليهِ لوافح الشهوات والأهواء , أسقطتهُ إلى وهدة الرذائل , فمرَّغتهُ في حمأة الدنايا , ولكن يكفيهِ شعاعٌ من الحب الطاهر حتى يخلصهُ من كل شائبة ويعيده إلى ما كان عليهِ من الجمال والبهاء. مسكينة المرأة , وتِعس حظّها في هذه الحياة. نفحتها قريحة الشعراء بألطف الأسماء , وجادت عليها مخيّلة العشاق بأجمل الألقاب:
سموها الشمس والقمر , وهي مسكينة المظلمة الفؤاد
رأوا فيها الغزال الشارد , وهي الرازحة المثقلة بتقاليد هذه الحياة
شبهوها بالزهرة النضرة , وهي المهشمة القلب الدامعة العينين في بلائها الشديد
لقّبوها بالحمامة البيضاء السابحة في الفضاء , وهي العصفور المقصوص الجناحين في قفص الحديد