أجل لا يليق بالإنسان أن يزدري تلك المخلوقة التي أعيتها أثقال هذه الحياة فسقطت إلى الحضيض , بل يجب عليهِ أن يمدَّ إليها كريمة فينتشلها من سقطتها ويرفعها من كبوتها. في فرنسا جمعية يرئِسُها الموسيو ليون بورجوا الوزير الفرنساوي السابق , هي أفضل من الجمعيات الخيرية , وأسمى غاية وأنبل مقصداً من سائر الأعمال المعروفة بالأعمال الإنسانية؛ خصص أعضاؤها ذواتهم بزيارة تلك المنازل النتنة التي دُفنت فيها الأنفس الحية فصارت تشبهُ القبور المكلَّسة: ظاهرها الرونق والبهاء , وداخلها التعاسة والشقاء. يزرون تلك الخبايا المظلمة , فيزورها معهم شعاع الحياة والرجاء فينعش الأفئدة الذابلة ويحيي القلوب المائتة. يزرون تلك المنازل فيأخذون من طُرح فيها من سفالة البشرية , ويضعونهُ في كير التنشيط ويدنونهُ من نار الأمل , فتُطهره ويصوغون منهُ نفساً جديدة طاهرة لا عيب فيها ولا دنس. ونحن في حاجة ماسة إلى مثل هذه الجمعية التي تخدم البلاد أجلّ خدمة فتعلّم السعيدات ما هي الشفقة والرحمة , وتعلّم التعيسات ما هو الصبر والرجاء.
[أقوال مأثورة]
كن على حذر من الكريم إذا هوَّنتهُ. ومن الأحمق إذا مازحتهُ ومن العاقل إذا أغضبتهُ. ومن الصديق إذا أفشيت بسرّه
ابن عبد ربهِ
قال بعضهم: انظر إلى المنتصح فإن أتاك بما لا ينفعك ويضرُّ غيرك فإنهُ شرّير. وإن أتاك بما ينفعك ويضرُّ غيرك فإنهُ طامع. وإن أتاك بما ينفعك ولا يضرُّ غيرك. فأصغِ إليه وعوّل عليهِ