للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُزجي الفيالقَ , والقلوبُ خوافقٌ ... فوق الجنودِ , فكلُّ قلبٍ فَيلقُ

في موكبٍ لفتَ الزمانَ جلالُهُ ... يزهو بلألاءِ العزيزِ ويُشرقُ

الأرضُ حاليةُ الوجوهِ بنورهِ ... والشمسُ غَيري تجتليهِ وتَرمقُ

والرُّوحُ يكلأُ , والملائكُ حُرَّسٌ ... وعِنايةُ اللهِ الحفيظِ تُحلِّقُ

حتى حَللتَ بعابدينَ فحلَّها ... سَعدُ الدّيارِ وبدرُها المتألِّقُ

في كلِّ إِيوانٍ وكلِّ خَميلةٍ ... ساحٌ ميمَّمةٌ , وبابٌ يُطرَقُ

خَلْقٌ على قَدْمٍ المهابةِ مائلٌ ... في سدّةِ العزِّ المنيعةِ مُطرِقُ

حتى إذا رُفعَ الحجابُ تدفَّقوا ... يتشرَّفونَ براحةٍ تتدفَّقُ

وتعارضتْ فيكَ القرائحُ وانبرى ... لأبي نواسَ البحتريُّ المفلقُ

عَلَمانِ في يدِك الكريمةِ منهما ... وَيَدي أبيك أبي المكارمِ المطلَقُ

لمَّا عفوتَ , وكان ذلك شيمةً , ... طَرِبا وهَزَّهما السَّجين ُالمطلّقُ

في ذمةِ اللهِ الكريمِ وحفظِهِ ... أمَلٌ بعرشِكَ للبلادِ مُعلَّقُ

[قصيدة حافظ بك إبراهيم]

سَكَنَ الظَّلامُ وباتَ قلبُكَ يَخفقُ ... وسطا على جنبيكَ هَمٌّ مُقلِقُ

حارَ الفِراشُ وحرتَ فيهِ , فأَنتما ... تحتَ الظلامِ معذَّبٌ ومؤرَّقُ

دَرجَ الزمانُ وأنتَ مفتونُ المُنى ... ومَضَى الشَّبابُ وأنتَ ساهٍ مُطرِقُ

عجباً يَلذُّ لكَ السكوتُ مع الهوى ... وسواكَ يبعثُهُ الغَرامُ فَينطِقُ

خُلِقَ الغَرامُ لأصغَريك , وطالما ... ظَنُّوا الظنونَ بأصغرَيكَ وأَغرقوا

ورَموك بالسلوى ولو شَهِدُوا الذي ... تَطويهِ في تلكَ الضلوعِ لأَشفقوا

أخفيتَ أسرارَ الفؤادِ وإِنَّما ... سرُّ الفؤاد من النواظرِ يُسرَقُ

نَفِّسْ بربّكَ عن فؤادِك كربَهُ ... وارحمْ حشاكَ فإِنَّها تتمزَّقُ

واذكرْ لنا عهدَ الذين بنأيهم ... جمعوا عليكَ همومَهم وتفرَّقوا

ما للقوافي أنكرتكَ , ولم تكنْ ... لكسادِها في غيرِ سوقِك تنفقُ

ما للبيانِ بغيرِ بابك واقفاً ... يَبكي ويعجلهُ البُكاءُ فيشرِقُ

إني كهمِّكَ في الصبَّابةِ لم أَزلْ ... أَلهو وأرتجلُ القريضَ وأَعشَقُ

نفسي برُغمِ الحادثاتِ فتيَّةٌ ... عُودي على رُغمِ الكوارث مُورِقُ

إِنَّ الذي أغرى السهادَ بمقلتي ... مُتعنِّتٌ قلبي بهِ متعلِّقُ

واثقتُهُ ألاَّ أبوحَ وإِنَّما ... يومَ الحسابِ يُحَلُّ ذاك الموثِقُ

وشقيتُ منهُ بقربِهِ وبعادِهِ ... وأخو الشقاءِ إلى الشقاءِ مُوفَّقُ

صاحبتُ أسبابَ الرِّضي لركوبهِ ... متنَ الخلافِ لما بهِ أَتخلَّقُ

وصبرتُ منهُ على الذي يعيَى بهِ ... حلمُ الحليمِ ويتَّقيهِ الأحمَقُ

أصبحتُ كالدهريِّ أعبدُ شَعَرهُ ... وجبينَهُ وأنا الشريفُ المعرقُ

وغدوتُ أنظمُ من ثنايا ثغرِهِ ... دُرَراً أقلِّدُها المهَى وأُطوِّقُ

صبري استثرت دفائِني وهززتَني ... وأَريتَني الإِبداعَ كيفَ يُنسَّقُ

فأبحتَ لي شكوى الهوى وسبقتَني ... في مدح عبَّاسٍ ومثلُك يَسبقُ

قال الرئيسُ فما لقولٍ بعدَهُ ... باعٌ تطولُ ولا لمدحٍ روَنقُ

شَوقي نسبتَ فما ملكتُ مدامعي ... من أن يسيلَ بها النسيبُ الشيِّقُ

أعجزتَ أطواقَ الأَنامِ بمدحةٍ ... سجدَ البيانُ لربِّها والمَنطِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>