يعلّم الناس فنَّ السياسة , والشعر يولّد الآراء السامية , وفنّ الرياضيات يعلّم الدقة , والعلوم الطبيعية تكون واسطة للتبحر في العلم , والفلسفة الأدبية تورث الحزم والثبات , والمنطق والبلاغة يقرّبان المرء من المقدرة على الخطابة والمناظرة. وليس في العقول نقص لا يكلمه العلم , أو عاهة لا تشفيها الحكمة. وكما أن لكل داءٍ من أدواءِ الجسم جدواءً يشفيهِ فالمشي ذهاباً وجيئة ينفع الأمعاء , وركوب الخيل يشفي المخ , والرماية تصلح الرئتين. فمن كان قليل الانتباه فدعه يدرس الرياضيات فإنهُ إن سها أو نسي أو أخطأ فيها مرةً , تكبد مشقة العمل ثانياً , وإن آنس من نفسه عجزاً في الاستنتاج فدعه يصرف قليل وقت في مطالعة المناظرات الدينية. وإن أحس من نفسه بضعف في ضرب الأمثال فدعه يقرأ كتب الشرائع والقوانين
محمد لطفي جمعه المحامي
[المودة الكاذبة]
إن أهل الدنيا يتعاطون فيما بينهم أمرين , ويتواصلون عليهما؛ وهما ذات النفس , وذات اليد. فالمتبادلون ذات النفس هم الأصفياء. وأما المتبادلون ذات اليد فهم المتعاونون ذات يلتمس بعضهم الانتفاع ببعض. ومن كان يصنع المعروف ببعض منافع الدنيا , فإنما مثلهُ فيما يبذل ويُعطي كمثل الصياد وإلقائهِ الحبّ للطير , لا يريد بذلك نفعَ الطير وإنما يريد نفع نفسه.