للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمرُّ بيَ الأخوانُ في خَطَراتَهم ... أُولئك عُوَّادي وليسوا بجلاَّسي

أهشُّ إليهم ما أهشُّ تلطُّفاً ... وفي النفسِ ما فيها من الحزن والياس

ذرونيَ وانجوا من شظايا تُصيُبكم ... إِذا لم أُطِقْ صبراً فأطلقتُ أنفاسي

فإِنّي على ما نالني من مَساَءةٍ ... لأرحمُ صَحبْي أن يثلمَّ بهم باسي

ذرونيَ لا يملكْ وجيفي قلوبكم ... إِذا مرَّ ذاك الطيفُ وادَّكَر الناسي

فتا للهِ! لولا ذلك الطيفُ والهوى ... لهُ مُسعِدٌ , لم يملكِ الدهرُ إِتعاسي

ذرونيَ أحْسُ الخمرَ غيرَ مُنفَّرٍ ... عن الوردِ منها نِفرةَ الطائر الحاسي

فرُبَّتَ كأسٍ عن شفاهي رددتُها ... وقد قتلَ الدمعُ السُلافةَ في الكاس

ذرونيَ أُنكِّسْ هامتي غيرَ مُتَّقٍ ... ملامةَ رُوَّادٍ وشُبهةَ جُوَّاسِ

فبي حرَّةٌ بكرٌ ضلوعي سياجُها ... أراش عليها سهمَهُ معتدٍ قاسِ

أُعيدُ إليها كلَّ حينٍ نواظري ... وأخفضُ من عطفٍ على جرحها راسي

يكادُ يبثُّ المجدُ ما لا أَبثُّهُ ... من السقَمَ العَوَّادِ والسأَمِ الراسي

أنا الألمُ الساجي لبُعدِ مزافري ... أنا الأملُ الداجي ولم يخْبُ نبراسي

أنا الأسَدُ الباكي , أنا جبلُ الأسى ... أنا الرمسُ يمشي دامياً فوق أرماسِ

فيا منتهى حُبّي إلى منتهى المنى ... ونعمةَ فكري فوقَ شقوة إِحساسي

دعوتُك أستشفي إليكَ , فوافِني ... على غير علمٍ منكَ أَنَّكَ لي آسي

إقرار ومناب

أو

تذكارات الطفولة

هَلْ تذكُرِين , ونحنُ طِفْلانِ , ... عَهْداً بزحلةَ ذكرُهُ غُنْمُ

إِذْ يلتَقي في الكَرْمِ ظِلاَّنِ ... يَتضاحَكانِ وتأنسُ الكرمُ؟

هل تذكُرِينَ بلاَءنا الحَسنَا ... حينَ اقتطافِ أطايبِ العِنَبَ

نُعطي ابتسَاماتٍ بَها ثَمنَا ... وبنا كنَشوتِها من الطَّرَب؟

هل تذكرِينَ غداةَ نَخطُرُ عُنْ ... مَلكَيَنِ حُفَّا بالمسَرَّاتِ

بينَ السَّماواتِ النَّواضرِ منْ ... عُليا ودُنيا والثُريَّاتِ؟

والنَّهرُ. . . هلْ هُوَ لا يزالُ كما ... كُنَّا لذاكَ العَهدِ نألفُهُ

يَسقي الغِياضَ زُلالَهُ الشبَّما ... ويَزيدُ بهجَتها تعطُّفُهُ

يَنصبُّ مُصطَخباً على الصّخرِ ... ويَسيرُ مُعَتدِلاً ومُنعرِجَا

يَطغي حيالَ السدِّ , أو يجري ... مُتضايِقاً آناً , ومنفَرِجَا

متُخلِلاً خُضْرَ البَساتِينِ ... مُتهلِّلاً لتحيَّةِ الشَّجرِ

متُضاحِكاً ضَحِكَ المجانينِ ... لملاعبِ النَّسماتِ والزَّهَرِ

واهاً لذاكَ النّهر! خلَّفَ لي ... عطَشاً مُذِيباً بعدَ مصدَرِهِ

يا طالَما أوردتُهُ أمَلي ... وسَقيتُ وهمي من تصوّرِهِ

تَمتدُّ أيَّامُ الفِراقِ , وبي ... ظمأى لذاكَ المنهلِ الشَّافي

وبِمسمَعي لهديرِهِ اللَّجِبِ ... وبناظري لجمالهِ الصافي

تلكَ المعاهدُ بُدِّلتْ خَطَلاً ... بمعاهدٍ مدنيَّةِ الزِّيَنِ

كانت غوانيَ فاغتدتْ بحليً ... ألقتْ عليهَا شُبهةَ الزَّمنِ

الدَّهرُ أغلَبُ , وهوَ غَيَّرها ... وكذاك كانت شيمةُ الدّهرِ

لو أدرَك الجنَّاتِ صيَّرها ... من حسنِ فطرتِها إلى نُكرِ

ما أَنسَ لا أنسَ العقيقَ وقد ... جزناهُ بعدَ السَّيلِ نفترِجُ

كان الرَّبيعُ وكان يومُ أحد ... ومسيرُنا متمعِّجٌ زَلِجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>