للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيصرَ الروسِ , لا تُضيّقْ على الصُّف ... رِ مَدَاهمو فالصّفْرُ أهلُ انتقامِ

لكَ مُلكٌ رَحَبُ الفضاءِ فَسيحٌ ... فَتَعَهَّدْ أجزاَءهُ بالنّظامِ

أَفَمهما أَوجستَ من شعبكَ المو ... تورِ خوفاً دفعتَهُ للصّدَامِ؟

لا رَعاكِ الإِلهُ يا أرضَ منشو ... را , ولا بَلَلَتْ ثراكِ الهَوامي

ما لعُقبانِكِ اتُّخمِنَ , وغُدرا ... نكِ أصبحنَ بالدماءِ طوامِ

كم خميسٍ وافاكِ يمرَحُ زهواً ... ثمَّ لم يبقَ منهُ غيرُ العظامِ

شَهَرَ الحربَ شاهروها , وباتوا ... في أمانٍ والقتلُ في الأقوامِ

سَئِمَ الرُّوسُ فتكَها , بئستِ العي ... شةُ من ذِلَّةٍ لموتٍ زُؤامِ!

قالَ مقدامُهمُ: هلمُّوا إلى الوا ... لدِ نشكو مظالِمَ الحُكَّامِ

ومَشوا للمليكِ عُزلاً , ومُدلي ... نَ إليهِ بِحُرْمةٍ وذمامِ

فتلقتَّهُمُ جنودُ أبيهم ... بِرَشاشِ الرَّدى وحدِّ الحُسامِ

ملأتْ منهمُ الشوارعَ أشلا ... ءُ كراديسُ فهيَ كالآكامِ

َقيصرَ الروس , إِنَّ شعبَك أولا ... دُكَ فاربأْ وأشفقْ على الأرحامِ

أفهذا الحقُّ الإِلهي أن يُقت ... لَ شعبٌ أتاكَ لاسترحامِ

زالَ ما كُنتَ تدّعيهِ من الحقِّ ... بما سالَ مِن دماءٍ حرامِ

أحمد محرَّم

أحمد محرم في شعره نسيج وحده هو أقرب الشعراء المعاصرين ديباجة من شعراء العرب. وما زال يعاني ذلك في أول أمره معاناة حتى ملكه اليوم وصار ملكة في طبعه. وليس في طباع الشعراء طبع أدلّ من طبعه ومن طبع حافظ إبراهيم على جودة الألفاظ. وكما أن خليل مطران فاق النظراء بل فاق كثيراً من القدماء في معانيه. فكذلك أحمد محرم وحافظ فاقا النظراء بل فاقا كثيراً من القدماء في ألفاظهم وتراكيبهما. وأقرب وصف في هذا الباب أن يقال أن خليلا أبلغ شعراء زماننا , وأن محرماً وحافظاً أفصحهم.

ولي الدين يكن

[أبو العلاء المعري]

ثقةَ الدُّهورِ , وحُجَّةَ الأزمانِ ... خذْ من بيانِكَ ذِمَّةً لبياني

أُعيي القريضَ فإنْ بلغتُكَ خانَني ... قلَمي , وعيَّ عن المقالِ لساني

رُعْت القياصرَ والملوكَ , وراعَني ... ما فيكَ وحدَك من جَلالِ الشانِ

لكَ في الملوكِ الخالدينَ على البلى ... أسمى العروشِ وأثمنُ التيجانِ

تهوي الأَسرَّةُ , والممالكُ تنقضي , ... وسريرُ مُلكِكَ راسِخُ الأركانِ

مُلْكٌ عليهِ من الخُلودِ سُرادقٌ ... فخمٌ يهابُ جلالَهُ الملَوانِ

تهوي جبابرةُ الخُطوب حِيالَهُ ... صرعى مُنكِّسةً على الأذقانِ

وترى الدُّهور إذا مررنَ بساحهِ ... فوضى الخُطى يَعثُرنَ بالحَدَثانِ

يدلفُنَ من كبرٍ وفرطِ كهولةٍ ... وشبابُ مجدِكَ دائمُ الرَّيَعانِ

تبني العُقولُ , وترفعُ الأيدي , وما ... يسطيعُ شأوَكَ رافعٌ أوبانِ

صدَعَ الزلازلَ ما بنيتَ وهَدَّها ... ما للزلازلِ بالبروجِ يَدانِ

أدركتَ أسراَ الوجودِ وجُزتها ... ترتادُ أَسرارَ الوجودِ الثاني

تدنو فتبعدُ , والمخاوف جمَّةٌ ... والحُجْبُ شَتَّى , والحتوفُ دوانِ

تهتاجُ ومَضت , فإن هيَ أمسكتْ ... زادتكَ أَشجاناً على أشجان

صانعتَ شاردَها فقُلنا عاشِقٌ ... طرِبٌ يصانِعُ شاردَ الغُزلانِ

وشكوتَ هاجرَها فقالوا كاشِحٌ ... ظلموكَ! تلكَ سجيَّةُ الولهانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>