بدت منذ مدة من الزمن في كل الأقطار العربية طوالع حركة فكرية، ونهضة أدبية، لا يسع المكابر إنكارها. فلقد نفض الناطقون بالضاد غبار الخمول عنهم، وأفاقوا من سباتهم العميق، فألقوا نظرة إلى مجاوريهم أبناء سائر اللغات، فرأوهم قد ساروا شوطاً بعيداً في مضمار الآداب والفنون، ونظروا إلى العرب أجدادهم، فرأوا أنفسهم قد قصروا عنهم أيما تقصير: فلا السيوف المشرقية، ولا الرماح الهندية، ولا الجياد الأعوجية، يفاخرون بها الأقران، ويفتحون بها الأمصار والبلدان. . . . ولا البيان الدرّيّ، ولا الشعر السحري، ولا الهوى العذري، يخلبون به الألباب ويستولون به على ممالك الأذهان. . .
رأوا قد دالت من يدهم دولة الحسام، ودولة الأقلام، وأدركوا أن الأحفاد كادوا يضيعون ذلك الإرث المجيد الذي خلفه لهم الأجداد. فهالهم ما رأوا وما أدركوا عندما تفتحت منهم العيون، بعد مر الأجيال