ما نحن من يصف قدرها الخطير ومحلها الأثير أو يطنب في بسيطها المشهور وما تجده النفس فيه من الانبساط والسرور ولا من يتغزل بظلها الضافي ومائها الصافي وسعدها الوافي وانوارها المشرقة وأزهارها المونقة وأشجارها المثمرة المورقة. ولا من يقف على أطلالها فيندب كبار رجالها ويبكي منازلها وديارها وينعي سكانها وعمارها. ولا بالنتيجة من يجدها من (الشام) الواسطة من العقد والقلب من الصدر والإنسان من العين. إلى ما أشبه هذه من ألفاظ مبتذلة وفواصل باردة وقفت عندها البدائه فلاكتها الألسن وتداولتها الأقلام دهراً طويلاً فما زادت هذه المدينة تعريفاً ولا أجدت في حقيقة حالها شيئاً مذكوراً.
وإنما نضرب عن ذلك كله لقلة فائدته إلى أن حلب مدينة عهيدة دالت بها الأحوال والدول بين العزة والذل والقوة والضعف والرفعة والانحطاط شأن سائر بدلا الله العديدة فكان لها في غالب الأحيان من الأسباب والوسائل ما تدرجت معه في مراقي العمران والحضارة وأصابت