للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تغشى البريِّة كدْرَةٌ وكأنّها ... صِعدتْ إلى عينيَّ مِن أحشائي

والأفقُ مُعتَكِرٌ قَرِيحٌ جفنُهُ ... يُغضي على الغَمرَاتِ والإِقذاءِ

ولقد ذكرتُكِ والنّهارُ مُودِّعٌ ... والقلبُ بينَ مَهايةٍ ورَجاءِ

وخواطري تبدو تِجاهَ نواظري ... كَلْمى كدامِيَةِ السَّحابِ إزائي

والدَّمعُ من جفني يَسيلُ مشعشاً ... بسنى الشععِ الغاربِ المترائي

والشمسُ في شَفَقٍ يَسيلُ نُضارُهُ ... فوقَ العَقيقِ على ذُرى سوداءِ

مرَّت خلاَلَ غمامَتينِ تحدُّراً ... وتقطّرتْ كالدَّمعةِ الحَمراءِ

فكأنَّ آخِرَ دَمعةٍ للكونِ قد ... مُزِجَتَ رآخرِ أدمعي لرِثائي

وكأنني آنستُ يَوميَ زائِلاً ... فرأيتُ في المرآةِ كيفَ مسائي

الإِنتقاد

بينَ نَقْدِ المؤلّفات هنا , ونقدِها هناك فرقَانِ: أحدُهُما يتعلّق بالنّاقِدِ والآخر يتعلّق بأثر النقد في الأذهان. أمّا الأوَّل فهو أن الناقد هناك ينتقد الكتاب من حيث ذاتهِ؛ فلو لم يكن للكتاب صَاحبٌ لا ينتقدَهُ , وهنا ينتقدهُ باعتبار شخص مؤلفِهِ. أي أنهُ ينتقِدُ الكتاب بل صَاحبَ الكتاب في كتابه. وأمّا الثاني , وهو أثرٌ طبيعي للأوَّل , فهو أنَّ للانتقاد هناك أثراً ظاهراً في الكتاب من حيث رواجه وكساده , وشهرتهِ وخمولِهِ. فكما يقول المنتقد يقول الناس بقولهِ. وهنا يمرُّ الانتقاد بالأذهان مرّاً فلا يبقى من آثارهِ فيها إلاّ أثرٌ واحد وهو أن الكتاب جليل القدر سني القيمة!!

مصطفى لطفي المنفلوطي

<<  <  ج: ص:  >  >>