بين الأستاذ عبد الله أفندي البستاني العالم اللغوي الشهير وسليمان أفندي البستاني ناظر. التجارة والزراعة صلة وداد متينة عدا ما بينهما من صلات القرابة والأدب. فلما ألقيت إلي البستاني الوزير مقاليد الوزارة , كتب إليه البستاني الشاعر بالقصيدة العصماء التي نحن ناشروها هنا. ثم دارت بينهما , على أثر ذلك , مراسلة نتوقع الفوز بها لننشرها في الزهور. أما الأستاذ عبد الله فأشهر من أن نعرفه إلى القراء وهو أستاذ معظم أدباء سوريا , وزعيم العلماء اللغويين فيها , وكبير الشعراء المجيدين في ربوعها. ولقد تلطف حضرته فوعد الزهور بأن ينشر فيها سلسلة مقالات لغوية انتقادية تكون تكملة لتلك المباحث اللغوية الشائقة التي كان ينشرها المرحوم اليازجي في الضياء. ولعلنا أن نبدأ بها منذ الجزء القادم.
كتب إليه أوّلاً بالتاريخ الآني:
لي مع سليمانَ قلب لا يُزايلُهُ ... خوفَ الرقيبِ ففيهِ كلُّ أسراري
إن نابَني بعدَهُ شوقٌ يؤرّخُهُ ... فإِنَّني مستعيرٌ قلب خطّارِ
١٩١٣
ثمَّ كَتبَ إليهِ:
تَرَحّلْ إلى مولاكَ يا قلبُ عَجلانا ... وأبقِ لصدري بعدَ بُعْدِكَ نيرانا
كأنّكَ في دارِ الشقاءِ معذّبٌ ... تحنُّ إلى دار السعادةِ وَلْهانا
فها أنتَ ذا يا قلبُ تهجرُ أضلُعاً ... عليكَ انحنتْ لا تبتغي منك هُجرانا
وأنتَ الذي أدمنتَ إيقاظَ أعيُني ... وأسأمتَ نجمَ الليل تخفقُ يقظانا
فكم سكِرتْ بالدمعِ إّ كنتَ خافقاً ... ولكن بصَهباءِ الهوى كنت سَكراناً
ولولاك ما اسودَّت لياليَّ إنما ... سيُسفِرْنَ بيضاً , أن قفوتُكَ , غُرَّانا