عيّن بوالو الشاعر الفرنسوي الشهير في القرن السابع عشر مؤرخاً للملك الكبير لويس الرابع عشر يدوّتن أهم أخبار البلاط وحوادث المملكة على عهده. ولما عاد الملك إلى باريس من إحدى حروبه , وقد أحرز النصر تلو النصر , رفع إليه الشاعر قصيدة اشتهرت بمطلعها حيث قال ما معناه: أيها الملك العظيم كفَّ عن الانتصار أو أكفَّ أنا عن الكتابة يعني بذلك أن الملك ينتصر في كل حرب بأسرع مما يقدر المؤرخ على تدوين خبر الانتصار. . . وأنا , وليس لي مقدرة بوالو في الكتابة , أكاد أقول لسموّ أفندينا العباس: يا أميري كفَّ عن الإنعام على الأدباء , أو أكفّ أنا عاجزاً عن تهنئتهم وشكر آلائك إذ أنني ما كدت أفرغ من تهنئة حافظ برتبه , وتهنئة خليل بنيشانه , حتى وافتني الجريدة الرسمية زاهيةً بخير الإنعام على جرجي زيدان بالرتبة المتمايزة. ومع ذلك فقد قابلتُ هذا الخبر كما قابله جميع قرّاء العربية بالارتياح التام , لأن جميع قرّاء العربية يعرفون ما لصاحب الهلال من الفضل الجمّ والأدب الغزير فكانت هذه الرتبة مكافأة عن ربع قرن قضاه في التأليف والتصنيف: وإذا سعى البعض إلى الرتب والنياشين بمأثرةٍ باهرة أو بثروة طائلة , فإن الرتبة سعت إلى زيدان بك اعترافاً بأنهُ لم يعش إلا ليتب ولم يكتب إلا ليفيد. وليس مثل هؤلاء الأدباء بالعدد العديد.