[أبو العلاء المعري]
ثِقةَ الدهورِ وحجَّةً الأزمانِ ... خذْ من بيانِكَ ذمّةً لبياني
أُعيي القريضَ فإنْ بلغتُكَ خانني ... قَلمي وعيَّ عن المقالِ لساني
وعت القياصرَ والملوكَ وراعني ... ما فيك وحدَك من جلال الشانِ
لكَ في الملوك الخالدين على البلى ... أسمى العروشِ وأُمنُ التيجانِ
تهوي الأسرَّةُ والمماليكُ تنقضي ... وسريرُ ملككَ راسخُ الأركانِ
ملكٌ عليهِ من الخلود سرادقٌ ... فخمٌ يهابُ جلاَلهُ الملَوان
تهوي جبابرةُ الخطوبِ حيالهُ ... صرعى منكّسةً على الأذفانِ
وترى الدهورَ إذا مررنَ بساحهِ ... فوضى الخُطى يعثرنَ بالحَدثانِ
يدلفنَ من كبرٍ وفرط كهولةٍ ... وشبابُ مجدكَ دائمُ الرَّيعانِ
تبني العقولُ وترفعُ الأيدي وما ... يسطيعُ شأوَكَ رافعٌ أو بانَ
صدع الزلازلَ ما بنيتَ وهدَّها ... ما للزلازلِ بالبروجِ يدان
أدركتَ أسرارَ الوجود وجُزتها ... ترتادُ أسرارَ الوجودِ الثاني
تدنو فتبعدُ والمخاوف جمَّةٌ ... والحجبُ شتَّى والحتوفُ دوانِ
تهتاج إن ومضت فإن هيَ أمسكتْ ... زادتكَ أشجاناً على أشجانِ
صانعتَ شاردّها فقلنا عاشقٌ ... طربٌ يصانعُ شاردَ الغزلانِ
وشكوتَ هاجرَها فقالوا كاشحٌ ... ظلموكَ! تلكَ سجيةُ الولهانِ