فلما قتل الحية , قال عمه: إني عرَّضتك طمعاً في أمرٍ ثنى الله عناتي عنهُ , فارجع لأزوَّجك ابنتي , فلما رجع جعل بشر يملأ فمه فخراً , حتى طلع أمرد كشقّ القمر على فرسه مدجّجاً في سلاحه. فقال بشر: يا عمّ إني أسمع حسَّ صيد. وخرج فإذا بغلامٍ على قيد فقال: ثكلتك أُمك يا بشر , إِن قتلت دودة وبهيمةً تملأ ما ضغيك فخراً؟ أنت في أمان أن سلَّمت عمك. فقال بشر: من أنت لا أم لك؟ قال: اليوم الأسود , والموت الأحمر. فقال بشر: ثكلتك من سلحتك قذفت بك من بطنها فقال: يا بشر ومن سلحتك أيضاً. وكرَّ كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه , فلم يتمكن بشرق منهُ وأمكن الغلام عشرين طعنةً في كلية بشر , كلما مسَّهُ شبا السنان حماه عن بدنه أبقاءً عليهِ. ثم قال: يا بشر كيف ترى أليس لو أردتُ لأطمعتُك أنياب الرمح؟ ثم ألقى رمحه واستلَّ سيفهُ فضرب بشراً عشرين ضربة بعرض السيف , ولم يتمكَّن بشرق من واحدة. ثم قال: يا بشر سلّم عمَّك واذهب في أمان. قال: نعم ولكن بشريطة أن تقول لي من أنت. قال: أنا ابنك. فقال: يا سبحان الله ما قارنتُ عقيلةً قط , فإني لي هذه المنحة؟ فقال: أنا ابنُ المرأة التي دلَّتك على ابنة عمك. فقال بشر:
تلك العصا من هذه العصية ... هل تلد الحيةَ غيرُ الحية
وحلف لا ركب حصاناً ولا تزوَّج حصاناً , ثم زوج ابنة عمه لابنه.