للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أرسل إلى عمّهِ يخطب ابنته , ومنعهُ العمُّ أمنيته , فآلي ألاَّ يرعي على أحدٍ منهم , إِن لم يزوّجه ابنته. ثم كثرت مضرَّاته فيهم , واتصلت مضرَّاته إليهم. فاجتمع رجال الحيّ إلى عمه وقالوا: كفَّ عنا مجنونك. فقال: لا تلبسوني عاراً , وأمهلوني حتى أُهلكه ببعض الحِيَل. فقالوا: أنت وذاك. ثم قال له عمه: إني آليت أن لا أزوّج ابنتي هذه إِلاَّ ممن يسوق إليها ألف ناقةٍ مَهراً , ولا أرضاها إِلاَّ من نوق خزاعة. وغرض العم كان أن يسلك بشر الطريقَ بينهُ وبين خزاعه , فيفترسهُ الأسد. لأنَّ العرب قد كانت تحامت عن ذلك الطريق؛ وكان فيه أسدٌ يسمَّى داذاً , وحية تدعى شجاعاً , يقول فيهما قائلهم:

افتكُ من داذٍ من شجاعِ ... إن يكُ داذٌ سيدَ السباعَ

فإنها سيّدةُ الأفاعي

ثم إِنَّ بشراً سلك ذلك الطريق , فما نصّفه , حتى لقي الأسد , وقمص مهره , فنزل وعقره. ثم اخترط سيفهُ إلى الأسد , واعترضه وقطَّهُ , ثم كتب بدم الأسد على قميصه إلى ابنة عمه قصيدته المشهورة التي مطلعها:

أفاطِمَ , لو شهدتِ ببطن خبتٍ ... وقد لاقى الهزبرُ أخاك بشرا

فلمَّا بلغت الأبياتُ عمَّهُ , ندم على ما منعهُ من تزويجها , وخشيَ أن تغتالَهُ الحيةُ , فقام في أُثره وبلغه وقد ملكتهُ سورة الحية. فلمَّا رأى عمه , أخذتهُ حمية الجاهلية , فجعل يدَهُ في فم الحية , وحكّم سيفه فيها فقال:

بشر إلى المجد بعيد همهُ ... لما رآه بالعراءِ عمهُ

قد ثكلته نفسهُ وأمه ... جاشت بهِ جائشةٌ تهمهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>