للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك إليهِ بالوراثة المكسوبة هي نفسها من الاجتماع. والشرائع التي تعاقبهُ كأنها تعاقب بهِ جهلها في تطبيق نظاماتها على حاجة العمران والتي كثيراً ما يكون الجاني العزوم فيها أنبل جداً من الذين يحرجونه ويسترون جناياتهم بالخبث؛ فما دامت تعاليم الاجتماع لا تتمشى على قواعد العلم الحديث قتضع العمران في مقامهِ الطبيعي وتعتبرهُ جسماً حيّاً كسائِر الأحياء وتطلق عليهِ نواميسها الطبيعية فمن المستحيل أن تهتدي إلى إحكام الروابط بينهُ. وما دامت نظامته لا توفّر له النفع المتبادل فيصعب جداً ضبطهُ ولقد صدق القائل: إن توفر أسباب الثروة في بلاد لمن أفضل أسباب تقليل الجنايات فيها. فالناس في كل أمورهم دنيا وآخرة إنما هم يقتتلون على رغيف.

الدكتور شبلي شمبل

[الحزم]

الرجال ثلاثة: حازمٌ , وأحزم منهُ , وعاجز. فالحازم من إذا نزل بهِ الأمر , لم يدهش له , ولم يذهب قلبه شعاعاً , ولم تعي بهِ حيلتهُ ومكيدته التي يرجو بها المخرج منهُ. وأجزم من هذا , لمقدامُ ذو العدَّة , الذي يعرفُ الابتلاء قبل وقوعهِ فيعظمهُ إعظاماً , ويحتال لع حيلةً , حتى كأنهُ قد لزمهُ؛ فيحسم الداء قبل أن يُبتلى بهِ ويدفع الأمر قبل وقوعهِ. وأما العاجز فهو تردُّدٍ وتمنٍّ وتوانٍ حتى يهلك.

ابن المقفَّع

<<  <  ج: ص:  >  >>