للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في رياض الشعر]

الثلاثون عاماً

طلُّ الثلاثين عنكَ اليوم منتقلُ ... هل أنتَ من بعدها بالعيش محتفلُ

بعد السنين التي كانت محبّبة ... ثم انقضتْ فتقضّي الأنسُ والجذَلُ

تلك الليالي التي قضيتها حلُماً ... ما كان أقصر حلماً كلهُ غزلُ

ماذا لقيتُ من الدنيا وما عَلقت ... منها يداي وما إن عشتُ أقتبلُ

لاحتْ كواكب ليل الشعرِ تُنذرني ... بأنني عن مغاني اللهوِ مرتحلُ

إن أنكرتني العيونُ السودُ رانيةً ... فطالما عرفتني تلكم المقلُ

أيامَ أخطرُ في روض الصبا مرِحاً ... تميلُ بي نشوةُ الدنيا وتعتدلُ

والغيد تبسم لي من ل ناعمةٍ ... في خدِّها ويديها تصدقُ القُبَلٌ

ما لي تروّعني الذكرى وتفتنني ال ... دنيا وما لي في معروفها أملُ

ألا يخفّ عني أنني رجلٌ ... قد أنقضتْ ظهرَهُ أيامهُ الأولُ

لعلَّ شيبي الذي راعت بوادرُهُ ... نورٌ تضيءُ بهِ للتائه السبّلُ

أسرفتُ في حبّ دنيا لا بقاء لها ... وعشق ملك وشيكاً عنهُ أنتقلُ

فالناس قد خلقوا لا للبقاء بها ... بل للترحّل لولا أنهم غفلوا

أين الألى نحن نمشي في منازلهم ... أين المواكب والأقيال والدولُ

العقلُ يستهجنُ الدنيا ويمقتها ... والقلبُ مستغرَق فيها ومختبلُ

فليس من راغبٍ عنها وإن رغبت ... عنهُ وكلٌّ لهُ في جذبها حيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>