ايه أهل سادوم وعامورة، اسروا وجوهكم عن مرأى ضياء الآلهة وضعوا أصابعكم في أذنيكم لئلا تسمعوا توبيخ الرب، بلغ سيل آثامكن الربى، فها وجه السماء يكفهر. فعن قريب ستمطركم ناراً وكبريتاً، وتحول قصوركم الشامخة التي تنبعث منها روائح الفساد والخطيئة إلى مستنقعات آسنة، وبحيرات مالحة.
قصة تاريخية قرأناها منذ نعومة أظفارها ثم تركناها في إحدى زوايا ذاكرتنا غير عالمين أن ما يسطره المؤرخون عن حوادث الأقدمين إنما هو عبرة للمتأخرين.
من هم أهل سادوم وعامورة؟
هم أبناء هذا الجيل، ومعاصرو القرن العشرين الذي نصفه بالمدنية تمويهاً وتفاخراً. فلا تغرنك الاختراعات والاكتشافات، وما أتينا من باهر الحكمة في سن النظامات، وضبط قواعد اللغات، وبقطر بطن الأرض وانتزاع أحشائها، واختراق كبد السماء بمراكبنا الهوائية غير ذلك من مستنبطات هذا العصر. فما هذه إلا زخارف نزين بها جدران تلك القبور المكلسة كي تلهي الناظر وتشغل الخاطر. . . فنحن نحن المتمدنين الذي امتلكوا ناصية الهواء والماء وكادت الطبيعة بأسرها تكون رهن أمرهم نحن أهل سادوم وعامورة. ولا يخدعنك من باريس لطافتها ورقتها، ولا من لندن فخامتها وعظمتها، ففيهما