لأن اللورد سولسبري وهو يومئذٍ وزير الانكليز عدَّ فعل الرئيس إهانة لسفيره فلم يعيّن سفيراً بدله حتى انتهت الانتخابات الأميركية وخرج كليفلاند من منصب الرئاسة. هذا الذي لا يجوز للسفراء وأما الذي يجوز فأكثر منهُ كما رأيت وليس في الأرض فئة أخرى تتنعم بكل هذه النعمة وهذا الامتياز في ديار المتدنين.
اسكندر شاهين
[الأندلس الجديدة]
ننشر لقراء الزهور في الصفحات التالية قصيدة عصماء في رثاء مقدونيا وخروجها من يد الدولة العثمانية بعد عقد الصلح في مؤتمر لندرا. وهذه القصيدة من أبدع ما جاءت به قريحة شاعر عربي , فقد جمعت من جزالة اللفظ ومتانة السبك وسمو الخيال وبلاغة الإرشاد ما يستغفر القارئ طرباً عند كل بيت من أبياتها , ويستوقفه معجباً بكل معنى من نعانيها. أما ناظم دررها الغوالي فيحق له أن يجلس على عرش دولة البيان ويلقب بأمير الشعر في هذا العصر , كما يسلم بذلك كل من يطالع هذه القصيدة النفسية , وإن كان يؤاخذ شاعرها بأنه مزج الدين بالسياسة ولا دين للسياسة. فها هي الدول التي كانت معادية لتركيا بالأمس تكاد اليوم تشهر بعضها على بعض حرباً طاحنة وهي على دين واحد ومعتقد واحد:
يا أختَ أندَلسُ عليكِ سلامُ ... هوَتِ الخلافةُ عنكِ والإِسلامُ
نزلَ الهلالُ عن السماءِ فليتَها ... طُويت وعمَّ العالمينَ ظلامُ
أزرى بهِ وأزالَهُ عن أوجهِ ... قَدَرٌ يحطُّ البدرَ وهو تَمامُ
جرحان تمضي الأمَّتانِ عليهما ... هذا يسيلُ وذاك لا يَلتامُ
بكما أُصيبَ المسلمون َ وفيكما ... دُفنَ اليراعُ وغيّبَ الصمصامُ
لم يُطو مأتمُها وهذا مأتمٌ ... لبُسوا السوادَ عليكِ فيهِ وقاموا
ما بين مصرعها ومصرعكِ انقضت ... فيما نحبُّ ونكرهُ الأيَّامُ