وأي شيء بمصر لا يتيمنا ... مصر حوت كل ما شاق الورى وسبى
وأعشق الأنس يجلو لي دجى كربي ... وفي الكنانة أنس يكشف الكربا
وأعشق اللغة الفصحى وقد ضربت ... في مصر اللغة الفصحى لها طنبا
دار إذا قال فيها نازح وطني ... أحب منها إلى قلبي فقد كذبا
أهدي السلام (لشوقيها) و (حافظها) ... و (للخليل) ومن يبقى من الأدبا
رشيد مصوبع
[الحركة الأدبية]
كانت سورية في النصف الأخير من القرن الغابر مهد كتاب مشاهير وأدباء أعلام كان لهم اليد الطولى في نهضة اللغة العربية والآداب الرقية، ولما ضاق عليهم هذا المضمار في ربوع الشام، هاجروا زرافات إلى وادي النيل، فكانت الديار المصرية خير مسرح تجلت عليه عرائس أفكارهم وبرزت إليه نفائس خواطرهم. بل وجدوا في تلك الديار التي حلوها على الرحب والسعة تكملة لسليقتهم. وهكذا إذا كانت الشام قد أنبتتهم فإن مصر انتمهم وأنضجت أفكارهم فأنتجت أينع الأثمار بعد أن كانت حملت ألطف الأزهار. وما عهد اليازجي والنقاش والحداد وأديب إسحق وغيرهم ببعيد. وعليه فيصعب على من شاء أن يكتب تاريخ الآداب العربية الحديث أن يفرق بين القطرين ويميز بين كتاب البلدين. وجل الكتاب أن لم نقل كلهم قد نسقوا نسيم لبنان العليل ورشفوا ماء النيل السلسبيل. فيحق لكلا القطرين أن يدعيهم.
وكانت ريح الاستبداد العاصفة قد شتتت شمل السوريين ونثرتهم في كل أنحاء العالم، فطرحتهم مطارح النوى إلى أقصى بلاد الله، فعرفوا مجاهل أفريقيا ومفاوز