ولا تُكرِثْكَ نَوحاتُ الثَّكالي ... ولا شكوى ضميرِك في الظَّلامِ
أساتِذةَ المطامِعِ ما ذكرتم ... هُوَ الناموسُ يَقدُمُ وهو نامِ
فلا يَضعَفْ ضعيفٌ , أو نراهُ ... لنابِ اللَّيثِ يَصلحُ في الطَّعامِ
فهمنا مأَخْذَ الجاني علينا ... وأَعذارَ السواسيةِ العظامِ
وأنَّ بَديلَ عصرٍ كانَ فيهِ ... عجافُ القومِ مُلْكاً للضِّخامِ
زمانٌ سادَ شعبٌ فيهِ شعباً ... وأنزلَهَ بمنزلةِ السَّوامِ
فَقومٌ مِن ملوكٍ كيفَ كانت ... مراتبِهُم , وقَومٌ م طغامِ
وبين العُنصرَينِ خِلافُ نوعٍ ... على كونِ الجميعِ من الأنامِ
أقولُ , وقد أفاقَ الشرقُ ذُعْراً ... مِنَ الحالِ الشبيهةِ بالمنامِ
على صَخَبِ الرواعدِ في حماهُ ... ورَقصِ الموتِ بين طلىً وهامُ
أقولُ بصوتهِ لحُماةِ دارٍ ... رماها من بُغاةِ الغربِ رامِ
أُباةَ الضَّيمِ من عَرَبٍ وترَكٍ ... نسورَ الشمّ , آسادَ الموامي
قرومَ العصرِ فُرساناً ورَجْلاً ... نُجومَ الكرِّ من خلفِ اللِّثامِ
بنا مَرَضُ النعيمِ فنَسِّمُونا ... وغىً يَشفي من الصفوِ العٌقامِ
بنا بَردُ المكوثِ فأدفُئوِنا ... بحُمَّى الوثْبِ حيثُ الخطبُ حامِ
بنا عطلُ السَماعِ فشنّفونا ... بقعقَعةِ الحديدِ لدى الصُّدامِ
لقد جئتم ببرهانٍ عظيمٍ ... على أنَّا نعودُ إلى التمامِ
وأنَّا إِن جَهلْنا أو غَلِطْنا ... أنِفنأ أنْ نُعاتَبُ باحتكامِ
وأنَّا حيثُ فاتحَنا كذوبٌ ... بميعادٍ فَطِّنا للختامِ
فإن زينَت لنا الأقوالُ عفنا ... تعاطِيهَا كما كرِةِ المُدامِ
على هذا الرجاءِ , ونحنُ فيهِ ... نَسيرُ موفّقينَ إلى الأمامِ
مثولي رافعاً إِجلالَ قومي ... إلى عباسٍ المَلِكِ الهُمامِ
إلى مَلكِ التضامنِ والتآخي ... عميدِ الشرقِ من بعدِ الإِمامِ
وجَهري , جُهدَ ما تسَعُ المعاني , ... بمدحِ شقيقهِ السنَّمِ المقامِ
متمِّ إِمارةِ الأصلِ المعلَّى ... بفضلٍ باذِخٍ كالأصلِ سامِ
وأدعو أن يُعزَّ اللهُ مِصراً ... ويوليَها السعودَ على الدَّوامِ
[الأسد الباكي]
دعوتُكَ أَستشفي إِليكَ , فوافِني ... على غيرِ علمٍ منك أَنَّكَ لي آسي
فإِنْ ترَني , والحزنُ ملءُ جوانحي ... أُداريهِ , فليَغررْكَ بِشري وإيناسي
وكم في فؤادي من جراحٍ ثخينةٍ ... يُحجِّبُها بُردايَ عن أعيُنِ الناسِ
تخذتُ لهمّي عينَ شمسٍ مباَءةً ... فثمَّتَ إِضحائي فريداً وإِغلاسي
يخالون أَني في مَتاعٍ حيالَها ... وبئس متاعُ الحيّ جيرة ديماسِ
أرى روضةً لكنَّها روضةُ الرَّدى ... وأُصغي وما في مِسمعي غيرُ وسواسِ
وأنظرُ من حولي مُشاةً ورُكَّباً ... على مُزجَيَاتٍ من دُخانِ وأفراسِ
وما عينُ شمسٍ غيرُ ما ارتجلَ النُّهى ... بقفرٍ جديبٍ من مَبانٍ وأغراسِ
بنوها فأَعلوها , وما هوَ غيرُ أن ... جرَتْ أحرفٌ مرسومةٌ فوقَ قرطاسِ
بَدَتْ إِرَمٌ ذاتُ العمادِ كأنَّها ... من القاعِ شَاَّتها النجومُ بأمراسِ
كفَتها ليالٍ نَزرةٌ فتجدَّدتْ ... ثوابتَ أَركانٍ رواسخَ آساسِ
وغالَطَ فيها البعثَ ما خَالَطَ الحلى ... بها من ضروبٍ مُحدَثاتٍ وأجناسِ
هناكَ أُبيحُ الشجوَ نفساً منيعةً ... على الضيم مهما يَفللِ من باسي