ذهبتْ إلى الاسكندرية أصطاف. . . أستغفر الله! كبُرتْ كلمة الاصطياف بواسع معناها على ما يمكنني من سوانح الفراغز بل ذهبت لقضاء أيام ألتمسُ فيها راحةً من عناءِ الأعمال. فلمّاً بلغتُ النَزْلَ كان أوَّل مطلبِ لي أن أرى البحر؛ فتمشيت إليهِ , وحاذيت إِفريزَه الجديد , متخطراً على رَسلي , حتى انتهيت إلى حدّ الرصيف غرباً فعمدت إى صخرة وثويت عليها.
ثويت مفترجاً متخلّياً متروّحاً
غير أنني لم ألبث أن وجدتُني قد أُخِذت
أُخذْت بمحاسن ما أرى , واغتربتُ عن نفسي ساعةً. فلمَّا عدتُ من غربتي , حسبتنُي هيكلاً يتلهَّب بين تلك البسطةِ المائيَّة التي تُحيطُ بي لم يكن إلاَّ أن رسوت بجسمي مطلاًّ على ذلك الفضاء المتحشرج الليّن , المتضرّب المتلوّن , حتى مضى نظري طافياً فوق اللجج , طاوياً أبعادها , ملمّاً بآفاتها. وتدافعت خواطري متخذةً من أشعة النظر أسباباً ترتقي عليها أو سفائن تستقلُّها. فارْقَتٌ جسمي كما تفراقُ النحلْ الخليَّة , وانصرفت أشتاتاً بين السماء والماء. إنَّ للخواطر جنى عذباً تجنيهِ من آيات الماء الملِحْ. . . جنى معهُ